خضراء ، وعليه كنفا السماء (١٩) كالخيمة المسبلة. وخضرة السماء منه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما ذكر البحار : فأعظم بحر على وجه الأرض : المحيط المطوق بها من سائر جهاتها ، وليس له قرار ولا ساحل إلا من جهة الأرض ، وساحله من جهة الخلو البحر المظلم ، وهو محيط بالمحيط كإحاطة المحيط بالأرض ، وظلمته من بعده عن مطلع الشمس ومغربها ، وقرب قراره. والحكمة في كون ماء البحر ملحا أجاجا (٢٠) لا يذاق ولا يساغ ، لئلا ينتن من تقادم الدهور والأزمان ، وعلى ممر الأحقاب والأحيان ، فيهلك من نتنه العالم الأرضي ، ولو كان عذبا لكان كذلك. ألا ترى إلى العين التي ينظر بها الإنسان الأرض والسماء والعالم والألوان ، وهي شحمة مغمورة في الدمع ، وهو ماء مالح ، والشحم لا يصان إلا بالملح فكان الدمع مالحا لذلك.المعنى : قاف محيط بالكل ، كما تقدم. وفي الظلمات : عين الحياة ، التي شرب الخضر عليه السلام (٢١) منها ، وهي في القطعة بين المغرب والجنوب.
__________________
(١٩) السماء : ما يقابل الأرض ، وسماء كل شئ أعلاه.
(٢٠) الأجاج : الملح المرّ (القاموس المحيط ، أجاج).
(٢١) الخضر عليه السلام : من المعروف أن المؤرخين اختلفوا في حقيقة الخضر عليه السلام (الذي يقال أنه سمي كذلك لأن ما حوله كان يخضر حين يناجي ربه) .. وقد توسع ابن كثير في كتاب البداية والنهاية في هذا الموضوع وسرد آراء كثيرة بخصوص هويته واختلاف العلماء حوله. فمنهم من قال أنه رجل صالح ، ومنهم من قال إنه ملك ، ومنهم من قال إنه كان قائدا لذي القرنين ، في حين قال آخرون إنه ابن مباشر لآدم عليه السلام وهبه الله الخلد والعمر الطويل .. غير أن أكثر العلماء رجحوا أنه كان نبيا صالحا لأنه غلظ في القول على موسى (رغم مكانته بين الأنبياء) ولأنه تحدث كنبي يوحى إليه كما يتضح من قوله تعالى (فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما) فكيف عرف بمراد ربه لو لم يوح إليه (تاريخ الطبري (١ / ٣٦٧) معجم أعلام القرآن (ص ١٠٧) ، المنتقى (الورقة ١٠٥).