ومالقة (١٠٣) : وهي مدينة كبيرة واسعة الأقطار عامرة الديار ، قد استدار بها من جميع جهاتها ونواحيها شجر التين المنسوب إلى زيد ، وهو أحسن التين لونا وأكبره جرما وأنعمه شحما وأحلاه طعما ، حتى إنه يقال ليس في الدنيا مدينة عظيمة محيط بها سور من حلاوة. عرض السور يوم للمسافرين إلى مالقة ، ويحمل منها التين إلى سائر الأقاليم حتى إلى الهند والصين ، وهو مسافة سنة لحسنه وحلاوته وعدم تسويسه ونقاء صحته. ولها ربضان عامران : ربض عام للناس وربض للبساتين. وشرب أهلها من الآبار ، وبينها وبين قرطبة حصون عظيمة. ومن أقاليم جزيرة الأندلس إقليم السيارات ومن مدنه المشهورة غرناطة (١٠٤) وهي مدينة محدثة. وما كان هناك
__________________
(١٠٣) مالقةMalaga : تقع جنوب شرق الأندلس وكانت مالقة مدينة ثانوية الأهمية في القرون الأولى بعد الفتح الإسلامي ولم تصبح ميناء تجاريا على جانب من الأهمية في البحر الأبيض المتوسط سوى في عهد الموحدين ومملكة بني نصر. وكان الملك الزيري باديس بن حبوس هو من بنى القصبة فوق القلعة القائمة آنذاك. دخلها المرابطون في خريف ١٠٩٠ وألحقوها بدائرة غرناطة. ويبرز من عمران المرابطين فيها تشييدهم للمساجد بصورة خاصة ، كما اكتشف في قصبة المرابطين حي مكون من ثمانية منازل اقيمت على الأغلب في القرن الحادي عشر. وتتحدث المراجع عن قصر كان قائما في داخل القصبة. ثار قاضي المدينة ابن حسون على المرابطين في سنة ١١٤٥ وأعلن نفسه أميرا عليها. وكان لاستياء ابناء مالقة من حاكمهم أن طلبوا نجدة الموحدين الذي استجابوا للنداء وأقاموا حصارا على القلعة ـ القصر انتهى بانتحار ابن حسون. ولعب الموحدون الدور الأكبر في تطوير عمران المدينة إذ أنشأوا فيها البنى التحتية التي اعتمدها فيما بعد بنو نصر. بدأت حروب الاستيلاء على منطقة مالقة من قبل القشتاليين في سنة ١٤٨٢. فقد حاصر الملك فرنادو الكاثوليكي المدينة وحال دونها والتموّن وكانت مقاومة أهلها شديدة الى درجة أنها أصبحت اكثر الوقعات دموية في تأريخ سقوط مملكة غرناطة. وتم استسلام المدينة غير المشروط في ١٨ أغسطس من سنة ١٤٨٧ (راجع المقري : نفح الطيب ، ج ١ ، ص ١٨٦ ، ومعجم البلدان ج ١٨ ، ٣٧٦).
(١٠٤) غرناطةGranada ? : وتعني باللغة الأسبانية" الرمانة" وهي شعار الأندلس التاريخي وتأريخ غرناطة حافل بالأساطير ، ربما لأنها تحتضن قصور الحمراء ولأنها كانت آخر معقل لحضارة الأندلس