وفى بعض بساتينها قبر على بن موسى الرضا (١) رضى الله عنه وقبر الرشيد. وبينها وبين نيسابور قصر هائل عظيم محكم البنيان لم أر مثله علو جدران واحكام بناء وفى داخله مقاصير تتحير فى حسنها الأوهام. وازاج وأروقة وخزائن وحجر للخلوة. وسألت عن أمره فوجدت أهل البلد وهم مجتمعون على أنه من بناء [بعض] التبابعة (٢) وأنه قصد بلد الصين من اليمن فلما صار إلى هذا المكان رأى أن يخلف حرمه وكنوزه وذخائره (٣) فى مكان يسكن اليه ويسير متخففا. فبنى هذا القصر وأجرى له نهرا عظيما آثاره بينة وأودعه كنوزه وذخائره وحرمه ومضى إلى الصين فبلغ ما أراد وانصرف وحمل بعض ما كان جعله فى القصر وبقيت له فيه أموال وذخائر تخفى امكنتها إلا أن صفات موضعها مكتوبة معه فلم يزل (٤) على هذا الحال تجتاز به القوافل وتنزله السابلة ولا يعلمون أن فيه شيئا حتى استبان ذلك. واستخرجه أسعد ابن أبى يعفر (٥) صاحب «كحلان» (٦) فى أيامنا هذه لأن الصفة كانت وقعت اليه فوجه قوما استخرجوها وحملوها اليه.
وليس بنيسابور أثر ظاهر للعجم ولا للعرب إلا أبنية بناها بعض آل طاهر
__________________
(١) على بن موسى الرضا هو ثامن إمام شيعى أعلن خليفة للمأمون فى الحكم وقبره يوجد فى قرية «شاباد» قرب «مشهد» وهناك أيضا يوجد قبر الخليفة هارون الرشيد.
(٢) هم ملوك جنوب الجزيرة العربية (قوم سبأ) انظر بطرس البستانى : دائرة المعارف ج ٤ ص ٢٧ ، بيروت : ١٨٨٢.
(٣) فى الأصل «وذخائر»
(٤) الضمير فى «يزل» يعود على القصر.
(٥) هو صاحب منطقة كحلان فى اليمن (فى القرن العاشر) انظر : ياقوت : ج : ٣ ص ٥٦٠.
(٦) هى فى منطقة «مخلاف» باليمن انظر ياقوت : ج ٤ ص ٢٤٠.