وبها هوام قتالة لا يبل سليمها. وبها عيون الكبريت الأصفر البحرى (١) وهو يسرج (٢) الليل عليه. ولا يوجد هذا الكبريت فى غيرها. وأن حمل منها إلى سواها لم يسرج. وأن أتى بالنار من غير «دورق» واشتغلت فى ذلك الكبريت أحرقته أصلا فأما نارها (٣) فأنها لا تحرقه. وهذا من ظريف الأشياء وعجيبها ولا يوقف على العلة فى ذلك. وفى أهلها سماحة ليست لغيرهم من أهل الأهواز وأكثر نسائها لا يرددن يد لامس. وأهلها قليلو الغيرة.
وآسك (٤) متصلة بها وهى مدينة وقريات وفيها أيوان عال حسن فى صحراء «على عين غزيرة وبيئة وبازاء هذا الأيوان قبة مسجد منيفة [ينيف] سمكها على مائة ذراع بناها قباذ (٥) وفيها مسجد وخارجها عدة قبور لقوم استشهدوا فى أيام الفتوح. وعلى هذه القبة آثار الستائر وما رأيت فى سائر البلدان قبة أحسن بناء منها ولا أحكم صنعة وعلى بابها الغربى كتابة منقوشة فى الصخر بالفهلوية (٦) وبينها وبين أرجان (٧) قرية تعرف «بالهنديجان» (٨)
__________________
(١) يبدو أنه كان يستخرج من قاع خليج فارس والعرب ويعتقد شوارتز أنه كان يحتوى على مادة فوسفورية من مياه البحر.
(٢) أى يضىء.
(٣) الضمير فى نارها يعود على مدينة «دورق».
(٤) آسك : مدينة صغيرة فى الجزء الجنوبى الشرقى لخوزستان بين أرجان ورام هرمز على بعد ٣٢ كم تقريبا إلى الجنوب الشرقى من الأخيرة (أى رام هرمز) انظر عنها ياقوت : ج ١ ص ص ٦١ ـ ٦٢. وحدود العالم ص ٣٨١.
(٥) هو قباذ الأول (٤٨٨ ـ ٥٣١) ويرد ذكره فى الرسالة الثانية مرارا.
(٦) أى اللغة الفارسية القديمة.
(٧) أرجان : هى إحدى كبريات مدن فارس تقع على نهر «طاب» على بعد ٣٥٠ كم تقريبا من «شيراز» ومثلها من سوق الأهواز. عنها انظر ياقوت : ج ١ ص ص ١٩٣ ـ ١٩٥.
(٨) الهنديجان : بلدة على الطرف الشرقى لخوزستان بين آسك وأرجان على