وكذلك نشطت" الخوارج" (١) ، وكذلك وجود" الشكّاكون" (٢) ، إضافة إلى وجود" جماعة الحمراء" (٣) ، ولم يخف على الإمام الحسن عليهالسلام ما يحاك حوله من مؤامرات خبيثة ، وخيانات لئيمة ، ونظر إلى حوادث" مسكن" فبعد التحاق عبيد الله" قائد جيشه" بمعاوية أخذت الجيوش الأخرى من" الكوفيين" تنفر من القتال ، وتركن إلى الفرار ، وتنبذ العهود والمواثيق ، فكان لا بدّ والحال هذه أن يعلن للناس ويصارحهم عن موقفه ، فبعث إلى معاوية بقبوله الصلح معه (٤).
إنّ أهمّ حدث في حياة الإمام الحسن عليهالسلام" بعد حادثة مقتل أبيه أمير المؤمنين عليهالسلام" هو قبوله الصلح مع معاوية بن أبي سفيان ، ولو نظرنا باتقان وإمعان إلى ما كان يدور ويحاك من مؤامرات حوله ، وما لاقاه من خيانة أصحابه" أهل الكوفة" وهروب قائد جيشه إلى جانب معاوية ، لأعطيناه العذر كما أنّنا لو ألقينا نظرة على شروط الصلح لوجدناها سليمة ، ونابعة عن وعي وإدراك عميقين ، واليك أيّها القارئ الكريم بنود الصلح :
المادة الأولى : تسليم الأمر إلى معاوية على أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبسيرة الخلفاء الراشدين. (٥)
المادة الثانية : أن يكون الأمر للحسن من بعده ، فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين ، وليس لمعاوية أن يعهد لأحد (٦).
__________________
(١) الخوارج : وهم الّذين خرجوا على الإمام عليّ عليهالسلام بعد التحكيم ، وهم ألد أعدائه وفيهم شبث بن ربعي والأشعث بن قيس ، وشمر بن ذي الجوشن.
(٢) الشكاكون : وهؤلاء هم المذبون من سكان الكوفة وهم آلة مسخرة في أيدي المعتدين.
(٣) الحمراء : وهم المهجنون من الموالي والعبيد ، وهم الّذين يحسنون الخدمة حين يغريهم الطمع.
(٤) راضي آل ياسين ـ صلح الحسن. ص ٢٥٦.
(٥) ابن أبي الحديد ـ شرح نهج البلاغة. ج ٤ / ٨.
(٦) جمال الدين الحسين ـ عمدة الطالب. ص ٥٢ والمصدر أعلاه. ج ٤ / ٨.