(الحمد لله كلّما حمده حامد ، وأشهد أن لا إله إلّا الله ، كلّما شهد له شاهد ، وأشهد أنّ محمّدا عبد الله ورسوله ، أرسله بالهدى ، وائتمنه على الوحي ، أما بعد ، فو الله إنّي لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنّه ، وأنا أنصح خلق الله لخلقه ، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة ، ولا مريدا له سوء ولا غائلة ، ألا وإنّ ما تكرهون في الجماعة ، خيرا مما تحبّون في الفرقة ، ألا وإنّي ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم ، فلا تخالفوا أمري ، ولا تردوا عليّ رأيي ، غفر الله لي ولكم ، وأرشدني وإيّاكم لمّا فيه المحبّة والرضا.
أيّها الناس ، إنّ الله هداكم بأولنا ، وحقن دمائكم بآخرنا ، وإنّ لهذا الأمر مدّة ، والدنيا دول ، قال الله عزوجل لنبيه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ)(١).
ثمّ التفت إلى معاوية فقال :
(أيّها الذاكر عليّا ، أنا الحسن وأبي عليّ ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وأمّي فاطمة ، وأمّك هند ، وجدّي رسول الله ، وجدك عتبة بن ربيعة ، وجدتي خديجة ، وجدتك فتيلة ، فلعن الله أخملنا ذكرا ، وألأمنا حسبا وشرفا ، قديما وحديثا ، وأقدمنا كفرا ونفاقا) (٢).
وقد تعرّض الإمام الحسن عليهالسلام بانتقادات لاذعة من أصحابه ، حتّى قال له بعضهم" يا مذلّ المؤمنين" فأجابه عليهالسلام : " بل ناصر المؤمنين" (٣).
وقد أجاب" عليهالسلام" أحد أصحابه العاتبين : (والله لو وجدت أنصارا ، لقاتلت معاوية ليلي ونهاري) (٤). وقال" عليهالسلام" : (علّة
__________________
(١) سورة الانبياء ، الآية ١١١.
(٢) باقر القرشي ـ حياة الإمام الحسن بن عليّ. ج ٢ / ٢٤٦.
(٣) برز الأيمان كلّه على الشرك كلّه.
(٤) باقر القرشي ـ حياة الإمام الحسن بن عليّ. ج ٢ / ٢٧٣.