وكان المغيرة يعتقد بأنّه لن يتأخر أحد من أهل الكوفة عن تلبية دعوة الإمام الحسن عليهالسلام ، ولكنّ الّذي حصل هو عكس ما كان يعتقده ، إذ لم يلتحق بمعسكر النّخيلة إلّا عدد ضئيل ، وحتّى السرايا الّتي كان الإمام عليّ عليهالسلام قد أعدها للعودة إلى محاربة معاوية" قبل قتله"" قد تمرّد أكثرها ، وتثاقل بعضها (١).
وفي معركة بدر الكبرى أخذ المشركون معهم من بني هاشم المقيمين في مكّة" عنوة" وذلك لمحاربة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان من بينهم نوفل بن الحارث" أبو المغيرة" فأنشد يقول (٢) :
حرام عليّ حرب أحمد إنّني |
|
أرى أحمدا مني قريبا أواصره |
وإن تك فهر ألّبت وتجمعت |
|
عليه فإن الله لا شكّ ناصره |
فوقع" نوفل" أسيرا في تلك المعركة ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (أفد نفسك يا نوفل) فقال نوفل : لا يوجد عندي شيء أفدي به نفسي يا رسول الله.
قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إفد نفسك برماحك الّتي في" جدة" ، (٣) فتعجب نوفل من قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث لا يعلم بالرماح غيره. بعدها أسلم نوفل وقال : (أشهد أنّك رسول الله) ففدى نفسه بها ، وكان عددها ألف رمح. ثمّ قال (٤) :
إليكم إليكم إنّني لست منكم |
|
تبرأت من دين الشيوخ الأكابر |
لعمركم ما ديني بشيء أبيعه |
|
وما أنا إذا أسلمت يوما بكافر |
شهدت على أنّ النبيّ محمّد |
|
أتى بالهدى من ربّه والبصائر |
__________________
(١) الشيخ راضي آل ياسين ـ صلح الحسن. ص ١٠٢.
(٢) ابن سعد ـ الطبقات. ج ٤ / ٤٥.
(٣) جده : ميناء كبير في المملكة العربية السعودية.
(٤) ابن سعد ـ الطبقات. ج ٤ / ٤٥.