فقال عنبسة : (١)
كنّا بخير صالحا ذات بيننا |
|
قديما فأمست فرقت بيننا هند |
فإن تك هند لم تلدني فإنني |
|
لبيضاء ينميها غطارفة نجد |
أبوها أبو الأضياف في كلّ شتوة |
|
ومأوى ضعاف لا تنوء من الجهد |
جفيناته ما إن تزال مقيمة |
|
لمن خاف غوري تهامة أو نجد |
وقال معاوية ذات يوم لجلسائه : من هو افصح الناس؟
فقام له رجل من جرم فقال : (قوم تباعدوا عن فراتية العراق ، وتيامنوا عن كشكة تميم ، وتياسروا عن كسكة بكر ، ليس فيهم غمغمة قضاعة ، ولا طمطمانية حمير (٢)). فقال معاوية : من هم؟!. قال الرجل : هم قومي.
وقيل : أرسل معاوية كتابا إلى ملك الروم بدأه بعبارة : (إلى طاغية الروم). ولمّا قرأ ملك الروم الكتاب قال للرسول : (ما لذي الفخر بالرسالة ، والمتسمّى بخلافة النبوة والسفه؟ ما أظنكم ولّيتم هذا الامر إلا بعد إعذار (٣) ولو شئت لكتبت : (من ملك الروم إلى غاصب أهل بيت نبيه والعامل بما يكفره عليه كتابه ولكني أتجالك (٤) عن ذلك). (٥)
وجيء بخراج العراق إلى معاوية في الشام فحمله (خصي) فقال الخصيّ لمعاوية : (يا سيّدي ، أعطني منه شيئا) ، فقال له معاوية : ويحك وماذا تعمل به؟ لأنّك اذا متّ وتركته فسوف تكوى به يوم القيامة.
فقال الخصي : (يا مولاي إن كان هذا حقّا فإنّ جلدك لا يشترى يوم
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٥ / ٣٣٣
(٢) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج ٤ / ٢٧٣.
(٣) الإعذار : عذر الرجل ـ إذا أفسد دينه وكثرت ذنوبه.
(٤) أتجالك : أترفع.
(٥) الآبي ـ نثر الدرر. ج ٢ / ١٩٥ والخضري بك ـ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية. ج ٢ / ١٩٥.