كثرة ما قاله الشعراء في مدح خالد ، سكت ولم يتكلّم ، فقال له خالد : سل حاجتك ، فقال الشاعر : مدحت الأمير ببيتين من الشعر ، فلمّا سمعت قول الشعراء ، أستصغرت شعري. فقال له خالد : وما هما؟ فقال الشاعر : (١)
تبرعت لي بالجود حتّى نعشتني |
|
وأعطيتني حتّى حسبتك تلعب |
فأنت الندى وابن الندى وأبو الندى |
|
حليف الندى ما للندى عنك مذهب |
فأمر خالد بإعطاء دينه ، ثمّ أعطاه مثله.
وفي سنة (١١٩) للهجرة ، ثار بالكوفة (المغيرة بن سعيد) ومعه سبعة رجال ، وكانوا يدعون (الوصفاء) ولمّا سمع القسريّ بثورتهم (وكان وقتذاك يخطب في مسجد الكوفة) فقال : (أطعموني ماء) ، فقال يحيى بن نوفل : (٢)
أخالد لا جزاك الله خيرا |
|
في حرّ أمّك من أمير |
تمنّى الفخر في قيس وقسر |
|
كأنّك من سراة بني جرير |
وأمّك علجة وأبوك وغد |
|
وما الأذناب عدلا للصدور |
وكنت لدى المغيرة عبد سوء |
|
تبول من المخافة للزئير |
وقلت لما أصابك : أطعموني |
|
شرابا ثمّ بلت على السرير |
وقال الكميت (٣) : يهجو خالد القسريّ أيضا في هذه الحادثة : (٤)
خرجت لهم تمشي البراح (٥) ولم تكن |
|
كمن حصنه في الرتاج (٦) المضبب |
وما خالد يستطعم الماء فاغرا |
|
بعدلك والداعي إلى الموت ينصب |
__________________
(١) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج ٢ / ٦.
(٢) تاريخ الطبري. ج ٧ / ١٣٠.
(٣) الكميت : بن زيد بن خنيش الأسديّ ، شاعر مقدم. مات سنة (١٢٦) للهجرة ، اشتهر بقصائده (الهاشميات).
(٤) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ٢٢ / ١٣.
(٥) البراح : الواضح ، البيّن.
(٦) الرتاج المضبب : غلق الباب المصنوع من الحديد ، والمعنى : أنه خرج لأعدائه ماشيا.