وأمّا الدّبور فهي الريح الغربية ، وتسمّى محوة ، لمحوها الآثار بشدّة عصوفها. هذا قول أبي زيد الأنصاري. وزعم الأصمعي أن محوة من أسماء الشّمال. والدّبور أقلّ الرياح هبوبا. وهي الريح العقيم ، لأنها لا تستدرّ السحاب ولا تلقح الشجر.
وأما الجنوب فهي الريح اليمانية ، لأن مهبّها من بلاد العرب مما يلي اليمن. ومن أسمائها الأزيب (١) والنّعامى والهيف. والجنوب ريح أهل الحجاز ، بها يمطرون ، وإياها يستطيبون. وأمّا غير أهل الحجاز فليست الجنوب بموافقة لهم ، وهي في الضّرر كالأخت الدّبور. ومتى اشتدّ هبوبها كدّرت الهواء والماء ، وأثقلت الحواسّ ، وخوّرت (٢) الأبدان وأرخته وأهعل مصر يسمّونها المريسيّة (٣). وإذا دامت عليهم أهلكتهم.
وأمّا الشّمال فمن (أسمائها) الحدواء (٤) والمسع (٥). قال الأصمعي : ومحوة اسم للشمال ، لأنها تمحو السحاب. وهذا القول إنما يصحّ على مذهب أهل الحجاز ، لأنهم يمدحون الجنوب ، ويذمّون الشّمال. وأمّا بلادنا نحن فمن شأن الشّمال (فيها) إثارة السحاب وإدرار الغيث. وكذلك هي عند غير أهل الحجاز من العرب. والشّمال
__________________
(١) في الأصل المخطوط : الأرتب ، وهو تصحيف.
وقال الزبيدي في التاج : الأزيب كالأحمر : الجنوب ، هذلية ، به جزم المبرد في كامله ، وابن فارس والطرابلسي». أنظر التاج واللسان : زيب ، والأزمنة ٢ / ٧٧. ويعني بالطرابلسي هاهنا أبا إسحاق ابن الأجدابي مؤلف هذا الكتاب.
(٢) في الأصل المخطوط : تورث ، وهو تصحيف.
وخورت الأبدان : أي أضعفتها وأورثت فيها فتورا
(٣) في الأصل المخطوط : المريسة ، وهو تصحيف.
والمريسية : ريح جنوبية تهب من قبل مريس ، وهي أدنى بلاد النوبة التي تلي أرض أسوان من صعيد مصر في أعالي النيل. وهي ريح باردة تقطع الغيوم وتصفي الهواء وتقوي حرارة الأبدان ويقع الوباء إذا دامت المريسية في مصر. كما يقع الوباء في العراق إذا دامت الريح في أيام البوارح. وأيام هبوب المريسية في مصر مقابلة لأيام البوارح ببغداد. لأن المريسية تهب في مصر في كانون الأول ، والبوارح في العراق تهب في حزيران والبوارح تدوم أربعين يوما ، والمريسية أربعين.
أنظر الإشراف والتنبيه ١٧ ـ ١٨ واللسان (مرس).
(٤) في الأصل المخطوط : الحوما ، وهو تصحيف.
وسميت الشمال حدواء لأنها تحدو السحاب ، أي تسوقه وتدفعه (الأنواء ١٦٠ ـ ١٦١ ، واللسان : حدا).
ويمكن أن تقرأ الكلمة في متن الكتاب : الجربياء ، وهي من أسماء الشمال أيضا ومعناها الباردة التي ترمي بالجريب وهو التراب والحصى (الأزمنة ٢ / ٧٧ ، واللسان : جرب).
(٥) في الأصل المخطوط : الميع ، وهو تصحيف.
والمسع يقال لها النسع أيضا (الأنواء ١٦٢ ، واللسان مسع ، نسع).