وللكتاب أخيرا قيمة تاريخية. ذلك أنه يفيد الباحثين في مسألة تاريخ العلوم في الحضارة العربية ، ويعتبر مرجعا قيما ووثيقة جيدة في أيدي هؤلاء الباحثين. وهذا إلى أنه يمثل منحى من مناحي الفكر العربي في مرحلة فسيحة من مراحل تاريخه الطويل المجيد.
ومن استعراض هذه الجوانب من قيمة الكتاب يتجلى لنا مدى الفائدة التي يجنيها جمهور القراء من قراءة هذا الكتاب ، بله العلماء من ذوي الاختصاص في الموضوعات التي تمت إلى فن الأزمنة والأنواء بصلة أو صلات ، مثل علم الفلك والجغرافية وعلم التقويم والأرصاد الجوية ، وبله علماء اللغة والأدب والباحثين في تاريخ العلوم والحضارة عند العرب. فاللغوي يجد فيها معيناثرا من الألفاظ والمصطلحات في فن الأزمنة والأنواء. والأديب يجد فيه جلاء لنواح تغمض على فهم كثير من الناس في نصوص الأدب ، ولا سيما الشعر القديم منه. ولسنا في حاجة بعد إلى ما يفيده منه مؤرخو العلوم والحضارة العربية ، بعد ما قلناه آنفا في بيان قيمته التاريخية.
والكتاب مع هذا مرجع لكثير من المعارف التي ما زالت حية متداولة مستعملة في أيامنا الحاضرة. فما زال العرب في جميع أقطارهم ، من المحيط إلى الخليج ، يستعملون السنة العربية ، وهي السنة القمرية التي ندعوها اليوم بالسنة الهجرية. ويستعملون كذلك السنة الشمسية في معظم أقطارهم. والفصول وأوقاتها مثلا من المعارف الأولية البديهية التي لا يسع أحدا من الناس جهلها في حال من الأحوال. وهي مما يتعلمه الناشئة في مدارسهم أيضا. وأسماء الشهور السريانية في