وأمّا الشهر فاختلف حساب الامم فيه (١). فمنهم من يجعل الشهر مدّة مسير القمر من حين يفارق الشمس إلى أن يفارقها مرة أخرى (٢). وذلك تسعة وعشرون يوما ، ونصف يوم ، وثلثا ساعة على التقريب ، إلّا أنّ إثبات هذا الكسر غير ممكن ، فأسقطوه من بعض شهورهم ، وأكملوا في بعضها يوما. فصار بعض شهورهم ثلاثين يوما ، وبعضها تسعة وعشرين يوما لا غير. وهذا مذهب العرب والعبرانيين من العجم واليونانيين (٣).
ومنهم من لا يعتبر مسير القمر ، ويبني حسابه على مسير الشمس (٤) بمقدار برج من بروج الفلك. وذلك ثلاثون يوما ، وثلث يوم ، وسدس يوم على التقريب. وهذا مذهب الروم والسّريانيين والقبط (٥).
وأمّا السّنة فهي المدّة الجامعة للفصول الأربعة التي هي الربيع والصيف والخريف والشتاء. ومقدارها عند الروح والسّريانيين اثنا عشر شهرا شمسية ، قد أكمل الكسر في بعضها فصار أحدا وثلاثين يوما ، وأسقط من بعضها فصار ثلاثين يوما لا غير. ومقدارها عند القبط اثنا عشر شهرا شمسية ، قد أسقط الكسر من جميعها ، فصار كلّ شهر منها ثلاثين يوما ؛ ويزيدون على ذلك خمسة أيام تسمّى (٦) النّسيء (٧) عوضا من الكسور التي أسقطت من كلّ شهر.
__________________
(١) في الأصل المخطوط : الأمة ، وهو غلط.
(٢) أنظر القانون المسعودي ٦٧ ـ ٦٨.
(٣) المصدر نفسه ٦٩.
(٤) أنظر القانون المسعودي ٦٧ ـ ٦٨.
(٥) المصدر نفسه ٦٩.
(٦) في الأصل المخطوط : يسمى ، وهو غلط.
(٧) يريد المؤلف بالنسيء هاهنا كبس الأيام الخمسة التي تزيد عن شهور سنة القبط وإلحاقها سنتهم. وكانوا يلحقونها في كل سنة بعد شهر مسرى ، وهو آخر شهور سنتهم ، ويسمون ذلك (أبو غمنا) أي الشهر الصغير. وكانوا يكبسون أرباع اليون الزائدة في كل أربع سنين. فيكون (أبو غمنا) ستة أيام كل أربع سنوات.
(أنظر لذلك الآثار الباقية ٤٩ ـ ٥٠ ، والقانون المسعودي ٧٦).