السادس ، سكتوا بين الركنين سكتة ، حتى يتهيأ الناس ممن فى الحجر ومن فى جوانب المسجد ، من مصلّ أو غيره ، فيعرفون ذلك بانقطاع التكبير ، ويصلى ويخفف المصلى صلاته ثم يعودون إلى التكبير حتى يفرغوا من السبع ، فيقوم مسمّع فينادى : الصلاة رحمكم الله ، قال : وكان عطاء بن أبى رباح ، وعمرو بن دينار ، ونظراؤهم من العلماء ، يرون ذلك ولا ينكرونه.
قال : وحدثنى جدى ، قال : أول من استصبح بين الصفا والمروة ، خالد بن عبد الله القسرى ، فى خلافة سليمان بن عبد الملك ، فى الحج وفى رجب.
وقال الأزرقى : حدثنى جدى ، عن عبد الرحمن بن حسين بن القاسم ، عن أبيه ، قال : كان الرجال والنساء يطوفون معا مختلطين ، حتى ولى مكة خالد بن عبد الله القسرى لعبد الملك بن مروان ، ففرق بين الرجال والنساء فى الطواف ، فأجلس عند كل ركن حرسا معهم السياط ، يفرقون بين الرجال والنساء ، فاستمر ذلك إلى اليوم. قال جدّى : سمعت سفيان بن عيينة يقول : خالد القسرى ، أول من فرق بين الرجال والنساء فى الطواف. انتهى
وقال : «ذكر ما عمل فى المسجد الحرام من البرك والسّقايات» : حدثنى جدّى قال: ثنا عبد الرحمن بن حسين بن القاسم بن عقبة بن الأزرقى ، عن أبيه ، قال : كتب سليمان ابن عبد الملك بن مروان إلى خالد بن عبد الله القسرى : أن أجر لى عينا ، تخرج من الثقبة من مائها العذب الزّلال ، حتى تظهر بين زمزم والركن الأسود ، ويضاهى بها زعم ماء زمزم ، قال : فعمل خالد بن عبد الله القسرى البركة التى بفم الثقبة. ويقال لها بركة القسرى. ويقال لها أيضا بركة البردى بئر ميمون ، وهى قائمة إلى اليوم بأصل ثبير ، فعملها بحجارة منقوشة طوال ، وأحكمها ، وأنبط ماءها فى ذلك الموضع ، ثم شق لها عينا تسكب فيها من الثقبة ، وبنى سدّ الثقبة وأحكمه ، والثقبة شعب يفرع فيه وجه ثبير ، ثم شق من هذه البركة عينا تجرى إلى المسجد الحرام ، فأجراها فى قصب من رصاص ، حتى أظهرها فى فوّارة تسكب فى فسقية من رخام ، بين زمزم والركن والمقام. فلما أن جرت وظهر ماؤها. أمر القسرى بجزر فنحرت بمكة وقسّمت بين الناس ، وعمل طعاما ، فدعا عليه الناس ، ثم أمر صائحا فصاح : الصلاة جامعة ، ثم أمر بالمنبر فوضع فى وجه الكعبة ، ثم صعد فحمد الله سبحانه وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، احمدوا الله تبارك وتعالى ، وادعوا لأمير المؤمنين الذى سقاكم الماء العذب الزّلال النقاخ بعد الماء المالح الأجاج ، الذى لا يشرب إلا صبرا ـ يعنى زمزم ـ قال : ثم تفرغ تلك الفسقية فى سرب من رصاص ، يخرج إلى وضوء كان عند باب المسجد ـ باب الصفا ـ فى بركة كانت فى