القاضى أبى الفضل ، قال : فرمى بالكتاب فى صدرى ، وقال لى : نحن على الفضلة؟ فانصرفت عنه.
وكان القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة ، يحضر مجلسه لسماع الحديث فانجر الكلام إلى مسألة من مسائل التمتع فى الحج ، فاختلف فيها رأيه ، ورأى الشيخ عبد الله اليافعى ، فرأى بعض الناس فى النوم ، أنهما تصارعا ، وأن اليافعى علا على على بن ظهيرة ، فكان اليافعى يأمر الرائى بذكر رؤياه ، إذا كثر الناس عنده للسماع والزيارة ، وبقول : هذه الرؤيا تأييد قولنا ، ويقول ابن ظهيرة : نخالفه فى تأويله ، إن المغلوب هو الغالب ، وينسب ذلك لأهل التعبير ، ويقول : إن ما قاله موافق لما فى الرافعى والنووى ، وإن ما قاله اليافعى لقول بعض الأئمة الشافعية.
وقد رغب الضياء الحموى فى الاجتماع بالشيخ عبد الله اليافعى ، والاستغفار فى حقه ، فأبى الشيخ إلا بشرط ، أن يطلع الضياء إلى المنبر فى يوم الجمعة وقت الخطبة ، ويعترف بالخطأ فيما نسبه إلى اليافعى.
ومن أحوال اليافعى السنية : أن أهل المسفلة والمعلاة ، حصلت بينهم فتنة كبيرة ، وظهر لأهل المسفلة من أنفسهم العجز ، فقصدوا اليافعى ، وسألوه أن يدخل لهم على أهل المعلاة ليكفوا عن قتالهم ، ففعل اليافعى ذلك ، فلم يقبل أهل المعلاة شفاعته ، وبادروا لحرب أهل المسفلة ، فغلب أهل المسفلة من أهل المعلاة طائفة.
وقد ذكره غير واحد من العلماء ، وأثنوا عليه كثيرا ، منهم الإمام بدر الدين حسن بن حبيب بن أديب حلب ، لأنه ذكره فى تاريخه فقال : «إمام علمه يقتبس وبركته تلتمس ، وبهديه يقتدى ، ومن فضله يجتدى ، كان فريدا فى العلم والعمل ، مصروفا إليه وجه الأمل ، ذا ورع بسقت غروسه ، وزهر أشرقت شموسه ، وتعبد يعرفه أهل الحجى وتهجد تشهد به نجوم الدجى ، وتأليف وجمع ونظم يطرب السمع ، وفوائد يرحل إليها ، وكرامات يعول فى المهمات عليها ، ومصنفات فى الأصول والعربية والتصوف ، ومناقب يتشوف إلى سماعها العارفون أى تشوف ، أقام بمكة المعظم قدرها ، ولازم الطواف بكعبتها المقدس حجرها وحجرها ، مقصودا بالزيارة ، مسموع النصيحة ، مقبول الإشارة.
وهو إمام مفت متفنن عالم ، وشيخه فى الطريقة الشيخ على المعروف بالطواشى ، وصنف فى أنواع العلوم ، سيما علم التصوف ، وله قصائد كثيرة نبوية». انتهى.
وذكره الشيخ جمال الدين الإسنائى فى طبقاته ، وذكر من حاله ما لم يذكره غيره ، ولذلك رأيت أن أذكره ، لأنه قال : فى طبقاته بعد أن ترجمه بما يأتى ذكره وأكثر منه : تم