بأحب أهل الأرض إلى أهل السماء؟ قالوا : بلى. قال : هو هذا الماشى ، ما كلمنى كلمة منذ ليالى صفين ، ولأن يرضى عنى ، أحب إلىّ من أن يكون لى حمر النعم. فقال أبو سعيد: ألا تعتذر إليه. قال : بلى. فتواعدا أن يغدوا إليه. فغدوت معهما. فاستأذن أبو سعيد ، فأذن له ، فدخل. ثم استأذن لعبد الله بن عمرو ، فلم يزل به حتى أذن له ، فلما دخل ، قال أبو سعيد : يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إنك لما مررت أمس. فأخبروه بالذى كان من قول عبد الله ، فقال له حسين : أعلمت يا عبد الله أنى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء ، قال : إى ورب الكعبة ، قال : فما حملك على أن قاتلتنى وأبى يوم صفين ، فو الله لأبى كان خيرا منى. قال : أجل. ولكن عمرو شكانى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن عبد الله يقوم الليل ويصلى النهار ، فقال لى رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا عبد الله ، صل ، ونم ، وأفطر ، وأطع عمرا». فلما كان يوم صفين ، أقسم علىّ. فخرجت ، أما والله ما كثرت لهم سوادا. ولا اخترطت لهم سيفا ، ولا طعنت برمح ، ولا رميت بسهم.
وقال ابن أبى مليكة : قال عبد الله بن عمرو : ما لى ولصفين ، مالى ولقتال المسلمين ، لوددت أنى مت قبله بعشرين سنة. أما والله على ذلك ، ما ضربت بسيف ، ولا طعنت برمح ، ولا رميت بسهم.
وقال حنظلة بن خويلد العنزى : بينما أنا عند معاوية ، إذ جاءه رجلان يختصمان فى رأس عمار ، ويقول كل واحد منهما : أنا قتلته. فقال عبد الله : ليطب به أحدكما نفسا لصاحبه ، فإنى سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «تقتله الفئة الباغية» فقال معاوية : ألا تغنى عنا مجنونك يا عمرو؟ فما بالك معنا. فقال : إن أبى شكانى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال لى رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أطع أباك مادام حيّا ولا تعصيه» (٣). فأنا معكم ولست بمقاتل.
وتوفى عبد الله بن عمرو بمصر ، سنة خمس وستين ، وقيل بمكة. وقيل بالطائف. وقيل بالشام. وله اثنتان وسبعون سنة ، رضى الله عنه وأرضاه.
١٥٩٦ ـ عبد الله بن عمرو بن علقمة الكنانى المكى :
روى عن عمر بن سعيد بن أبى حسن ، وعبد الله بن عثمان بن خثيم ، وأبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
__________________
(٣) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (٦٨٩٠) من طريق : يزيد بن هارون ، أخبرنا العوام ، حدثنى أسود بن مسعود ، عن حنظلة بن خويلد العنبرى. فذكر الحديث.
١٥٩٦ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ الدورى ٢ / ٢٣٢ ، تاريخ البخارى الكبير ترجمة ٤٧٢ ، الجرح والتعديل ترجمة ٥٤٣ ، ثقات ابن حبان ٧ / ٢ ، الكاشف ترجمة ٢٩١٢ ، تهذيب التهذيب ٢ / ١٧٠ ، تاريخ الإسلام ٦ / ٢١١ ، إكمال مغلطاى ٢ / ٣٠٣ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٣٩ ، تهذيب الكمال ١٥ / ٣٦٥).