وكان إذن سيدى ولى الدين لأخى فى ذلك ، سنة سبع وثمانمائة. وفيها قدمت على أخى من دمشق ، وقدمنا إلى مكة ، وقد وليت بها قضاء المالكية.
وتوجه أخى بعد الحج ، إلى القاهرة ، ولازم الاشتغال بالعلم ، فازداد فضلا ، وحج سنة ثمان وثمانمائة. وأقام بمكة حتى حج فى سنة تسع وثمانمائة. وكان فيها يدرس بالحرم الشريف ويفتى ، ثم توجه للقاهرة.
ومنها فى أثناء سنة عشر وثمانمائة إلى تونس ، وأخذ عنه بها رواية : قاضى الجماعة بتونس عيسى الغبرينى ، وغيره. وناله بر قليل من صاحب تونس ، وعاد منها إلى مصر فى سنة إحدى عشرة وثمانمائة ، وتوجه فى بقيتها ، أو فى أوائل سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ، إلى القاهرة وأقام بها ، إلى أن توجه إلى مكة مع الحجاج ، فى سنة أربع عشرة وثمانمائة.
وفى هذه السنة ، أذن له العلامة الكبير عز الدين محمد بن أبى بكر بن القاضى عز الدين بن جماعة ، فى الإفتاء والتدريس ، فى فنون من العلم ، وكان يقرأ عليه فى مدة سنين قبل هذه السنة. وأقام بمكة ، حتى حج فى سنة خمس عشرة وثمانمائة.
وزار فى هذه السنة النبى صلىاللهعليهوسلم ، وابن عمه حبر الأمة ، عبد الله بن العباس رضى الله عنهما بالطائف.
وأخذ فى هذه السنة بمكة فنونا من العلم ، عن الإمامين : حسام الدين حسن الأبيوردى ، وأبى عبد الله محمد بن أحمد الوانوغى.
وما أخذه عن الأبيوردى : تأليفه فى المعانى ، والبيان ، والأصول فى شرح العضد لابن الحاجب ، والمنطق فى الشمسية. وكان يثنى كثيرا على أخى بحسن الفهم والبحث.
ومما أخذه عن الوانوغى : التفسير ، والأصول ، والعربية ، وكان يثنى عليه كثيرا ، ثم غض منه ؛ لأن الوانوغى تحامل علىّ فى فتيا ، فرد عليه أخى وكافحه بحضرة الملأ ، فلم يسهل ذلك بالوانوغى. وقام من المجلس ، وهو كثير الحنق علينا.
وتوجه أخى بعد الحج فى هذه السنة ، مع الحجاج المصريين إلى القاهرة ، ودخلها سنة ست عشرة وثمانمائة ، وأقام بها حتى مات ، غير أنه دخل منها إلى الإسكندرية مرتين. إحداهما : فى سنة عشرين وثمانمائة ، والأخرى : فى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة.
ومات بعد قفوله بخمسة عشر يوما ، فى يوم الخميس سادس جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ضحى ، ودفن قبيل العصر بتربة شيخنا الحافظ زين الدين العراقى ،