وروى طارق ، عن المقداد ، قال : لما نزلنا المدينة ، عشّرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشرة عشرة ، قال : فكنت فى العشرة الذين كانوا مع النبى صلىاللهعليهوسلم ، ولم تكن لنا إلا شاة نتجزى لبنها.
وروى طارق بن شهاب ، عن ابن مسعود قال : لقد شهدت من المقداد مشهدا ، لأن أكون صاحبه ، كان أحبّ إلىّ مما طلعت عليه الشمس ، وذلك أنه أتى النبىصلىاللهعليهوسلم وهو يذكر المشركين ، فقال : يا رسول الله ، إنا والله لن نقول لك كما قال أصحاب موسى لموسى : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) [المائدة : ٢٤]. ولكن نقاتل من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك ، قال : فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يشرق وجهه لذلك ، وسّره وأعجبه ، ذكره ابن عبد البر ، وهو فى صحيح البخارى بالمعنى.
قال ابن عبد البر : كان قديم الإسلام ، ولم يقدم على الهجرة ظاهرا ، وأتى مع المشركين من قريش ، هو وعتبة بن غزوان ليتوصّلا بالمسلمين ، فانحازا إليهم ، وذلك فى السّريّة التى بعث فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عبيدة بن الحارث إلى ثنيّة المروة ، فلقوا جمعا من قريش ، عليهم عكرمة بن أبى جهل ، فلم يكن بينهم قتال ، وهرب عتبة بن غزوان ، والمقداد بن الأسود يومئذ إلى المسلمين ، وشهد المقداد فى ذلك العام بدرا ، ثم شهد المشاهد كلها. ثم قال ابن عبد البر : وشهد المقداد فتح مصر. انتهى.
وقال المزّى : وكان فارسا يوم بدر ، لم يثبت أنه شهد فارسا غيره ، وقد قيل إن الزبير ابن العوام ، كان فارسا يومئذ أيضا ، وكذلك مرثد بن أبى مرثد الغنوى ، والله أعلم.
وذكره محمد بن سعد فى الطبقة الأولى. قال : وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية ، فى رواية محمد بن إسحاق ، ومحمد بن عمر ، ولم يذكره موسى بن عقبة ، ولا أبو معشر. قال : وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان من الرّماة المذكورين من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ذكره يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، فيمن هاجر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة.
قال أبو الحسن المدائنى ، وأبو عبيد القاسم بن سلّام ، وعمرو بن علىّ ، وخليفة بن خيّاط ، وغير واحد : مات المقداد سنة ثلاث وثلاثين ، زاد بعضهم. وهو ابن سبعين سنة بالجرف ، على ثلاثة أميال من المدينة. وقيل : على عشرة أميال ، وحمل إلى المدينة ودفن بها ، وصلّى عليه عثمان.
وذكر النووى : أنه أوصى إلى الزبير بن العوام.