الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ـ رحمهمالله تعالى ـ فتوفي المذكور بآمد ، وبقي البستان في يد ولده شهاب الدين غازي ، فلما ملك الملك الصالح نجم الدين الديار المصرية أخرج المذكور من مصر ، واحتاط على البستان ، فلم يزل تحت الحوطة ، فلما ملك الملك الظاهر رفع ولد شهاب الدين غازي قصة أنهى فيها الحال ، فأمر بحملها على الشرع فثبت ملك المتوفى بشهادة الأمير جمال الدين موسى بن يغمور وبهاء الدين بن ملكشوا والطواشي صفي الدين جوهر النوبي ، وثبتت الوفاة ، وحضر الوراثة بشهادة كمال الدين عمر بن العديم ، وعز الدين محمد بن شداد فسلم لهما البستان ، ثم ابتاعه منهما بمائة وثلاثين ألف درهم.
ومنها أن بنت الملك المعز صاحب حلب كان عقد عليها الملك السعيد نجم الدين إيل غازي ، صاحب ماردين على صداق مبلغه ثلاثون ألف دينار مصرية ، فمات عنها ولم يدخل بها ، وكان الملك المظفر قطز ـ رحمهالله تعالى ـ قد احتاط على أملاك الملك السعيد بدمشق لما تملكها ، وبقيت تحت الحوطة.
فلما ملك الملك الظاهر رفعت قصة تذكر الحال وسألت حملها على الشرع ، وأن يفرج عن الأملاك لتباع في مبلغ صداقها ، فتقدم أن يثبت ما ادعته فثبت بشهادة كمال الدين ابن العديم ، ومحمد بن شداد ، ولم يكن بقي في الصداق غيرها فأفرج لها عن الأملاك فبيعت وقبضت ثمنها.
ومن حكمه أنه كان له ركابي وهو بدمشق يسمى مظفرا ، كان يأخذ الجعل من الأمراء الناصرية على نقل أخباره إليهم ، وتحقق ذلك منه ، وبقي معه إلى أن ملك واستمر به ، فدخل يوما إلى الركاب خانة ، فوجدها مختلة ، وفقد منها سروجا محلاة ، فالتفت إليه ، فقال له : نحسن في دمشق ونحسن في القاهرة ، متى عدت قربت الأسطبل شنقتك فقال : يا خوند إذا لم أقرب الأسطبل من أين آكل أنا وعيالي؟ فرق له ، وأمر أن يقطع في الحلقة بحيث لا يراه فأقطع ، وبقي إلى أن توفي السلطان.