ياء الجمع ، في ياء المتكلم ، فصار : أبينيّ. وزعم الفراء (١) : أن أبينون : تصغير : أفعل ، بضم العين ، وهو جمع : ابن. كأنه : ابن ، وأبن ، كدلو ، وأدل. فصغر (أبن) على وزن : أدل. فقال : أبين ، مثل : أديل ، ثم جمع بالواو ، والنون ، فقال : أبينون ، كما تقول : أديلون. وزعم أبو عبيد (٢) : أنه تصغير : بنين. فلا الأول ، ولا هذا ، وإنما القول ، قول صاحب الكتاب. فأما فساد قول الفراء ، فلأن أفعالا : جمع موضوع للقلة ، والواو ، والنون للقلة ، فلا يجمع بين علامتي قلة ، ما أمكن المصير إلى غيره ، ولأن أفعلا ، وأفعالا ، وأفعلة ، وفعلة : جموع القلة. فيصغر على ألفاظها ، ولا يجمع بالواو ، والنون.
ألا ترى قوله في أول الحديث : (كان يلطح أغيلمة بني عبد المطلب) وهو تصغير : أغلمة ، فصغره على لفظه ، كما قالوا في أنعام : أنيعام. وإذا بطل هذا ، والقول الآخر أيضا ، من أنه تصغير بنين من حيث إنه ليس في بنين لفظة أبينون ، صح قول سيبويه ، وأنه تصغير : أبنا ، على ما يوجبه القياس ، لأن أبنا : أفعل ، مثل : أعمى ، وهو يدل على الكثرة ، كأضحى.
[فإن قلت] : فلم أنكرت [٢١ / ب] أن يكون تصغير : أفعل ، وقد أنشد صاحبكم [أبو بشر] :
٤٤ ـ قد رويت إلّا الدّهيدهينا |
|
قليّصات ، وأبيكرينا (٣) |
فابيكرين : تصغير : أبكر ، وهو جمع : بكر ، فليكن : أبينون كذلك؟!.
[قلت] : نقول في أبيكرين ، ما قلنا في أبينين ، من أنه تصغير : أبكر ، بفتح العين ، كأبينين ، تصغير : أبنا ، وإن لم يستعمل. والتصغير ، والجمع من واد واحد ، جاء فيهما الأمر ، بخلاف آحادهما ، ومكبّرهما. ألا ترى أن مثل : إبل ، ومذاكير ، ومشابه ، ومحاسن : جموع ، لا آحاد لها.
كما قالوا : مغيربان ، وعشيشية ، والثريا.
وأنيسيان ، في قوله (٤) ، لا على طريق الاستشهاد ، ولكن على سبيل استعماله ، لغة العرب :
٤٥ ـ وكان ابنا عدوّ كاثراه |
|
له ياءي حروف أنيسيان (٥) |
واعلم أن نون الجمع مفتوحة ، بخلاف نون التثنية ، لأنها مكسورة. وفعل ذلك في الموضعين ، لالتقاء الساكنين. إلا أن الفتح في الجمع أولى ، والكسر في التثنية ، وذلك ، لأنك في الجمع تخرج من الواو إلى النون ، فالفتحة بعد الواو مستخفة. وتخرج في التثنية من الألف إلى النون. فالكسرة أولى هناك ، لأن في ذلك جمعا بين : الألف ، والكسرة ، وفي الجمع ، جمعا بين الواو والفتحة. فهو
__________________
(١) الخزانة ٨ : ٣٣ ، وفيها : (ذهب الفراء إلى أنه ... على أفعل ، مضموم العين ككلب ، وأكلب).
(٢) هو : القاسم بن سلام (ت ٢٢٤ ه). أخذ عن : الكسائي. من تصانيفه : (الغريب المصنف) و (غريب الحديث). ينظر : مراتب النحويين ٩٣ ، ٩٤ ، وطبقات النحويين واللغويين ١٩٩ ، والبلغة ١٨٦.
(٣) من الرجز ، بلا نسبة في : الكتاب ٣ : ٤٩٤ ، واللسان (هده) ، ١٣ : ٤٩٠ ، والخزانة ٨ : ٣٢ ـ ٣٤.
الدهداه : صغار الإبل. القلوص : الفتية من الإبل ، بمنزلة الجارية الفتاة من النساء. اللسان (قلص) ٧ : ٨١.
(٤) أي : أبو الطيب المتنبي (ت ٣٥٤ ه).
(٥) البيت من الوافر ، للمتنبي ، في ديوانه ٤ : ٢٦١.