أحسن من الجمع بين الألف ، والفتحة ، والواو ، والكسرة.
باب جمع التأنيث
اعلم أن الاسم المؤنث ، على ثلاثة أضرب : مؤنث بالتاء ، ومؤنث بالألف المقصورة ، ومؤنث بالألف الممدودة. فما كان من ذلك مؤنثا بالتاء ، فنحو : مسلمة ، وعمة ، تقول في جمعه : مسلمات ، وعمات. والأصل : مسلمتات ، وعمّتات.
فحذفت التاء الأولى ، كي لا تجتمع في الاسم الواحد علامتا تأنيث ، ولأنها لو أثبتت لكان علامة التأنيث حشوا. وهي لا تكون إلا طرفا. ألا ترى أن من قال علقاة ، لم يحكم على ألفها بألف التأنيث ، كما حكم عليها في علقى ، لأن علامة التأنيث ، لا تقع ، حشوا. وهذه التاء تكون في الرفع مضمومة ، وفي النصب والجر مكسورة. تقول : هذه مسلمات ، ورأيت مسلمات ، ومررت بمسلمات. قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [٢٢ / أ](أَنْ تَزُولا)(١). وإنما كسرت في موضع النصب ، ولم تفتح ، لأن هذا جمع سلامة المؤنث. والمؤنث فرع للمذكر. وقد أثبتنا بالدليل ، قبل ، أن المذكر يستوي نصبه ، وجره ، إذا قلت : رأيت الزيدين ، ومررت بالزيدين ، فالمؤنث تابع له ، وسوي بين نصبه ، وجره ، بأن كسرت التاء منه. والكسرة بعض الياء. والتنوين التي بعد الكسرة ، والضمة ، هاهنا ، بمنزلة النون هناك. ألا ترى أن : عرفات ، من قوله تعالى : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ)(٢) : اسم ، مؤنث ، معرفة يجب ترك صرفها ، ولم يصرف ، والتنوين التي فيها ، ليست التنوين التي للفرق بين الصرف ، وتركه ، وإنما هو بإزاء النون.
[فإن قلت] : وكيف تدّعون هذا ، وأنتم تقولون : للمسلمات ، فتحذفون التنوين مع الألف ، واللام ، ولا يجوز حذف النون معهما ، ألا ترى إنكم تقولون : المسلمون. فكيف يكون التنوين بإزاء النون؟! [قلت] : إن التنوين بإزاء النون ، وإنما حذفت لسكونها. فهي مشابهة بالتنوين الذي للفرق بين الصرف ، وتركه. فأما النون ، فثبتت مع الألف ، واللام ، لأنها تحركت ، لالتقاء الساكنين ، فتحرّكها قواها ، فلم تتسلط المعرفة على حذفها. فالتنوين هناك ، كالنون. فأما إذا سميت بمسلمات ، قلت : هذه مسلمات ، ورأيت مسلمات ، ومررت بمسلمات ، فتكسر التاء ، وتبقي التنوين ، كعرفات. ومنهم من يفتح التاء في النصب ، والجر ، فيحذف التنوين ، فيقول : رأيت مسلمات ، ومررت بمسلمات ، وقد رووا [قول امرئ القيس] :
تنوّرتها من أذرعات ، وأهلها |
|
بيثرب ، أدنى دارها ، نظر عالي (٣) |
ومنهم من يكسر التاء ، ويترك التنوين. وهو قول أبي إسحاق (٤) ، والمبرد (٥). وليس بالصواب. والوجه : الفتح مع ترك التنوين. قال ، لأنه كطلحة. ولا اعتداد
__________________
(١) ٣٥ : سورة فاطر ٤١.
(٢) ٢ : سورة البقرة ١٩٨.
(٣) البيت من الطويل ، في ديوانه ٣١.
(٤) أي : الزجاج.
(٥) المقتضب ٣ : ٣٣٣ ، ٤ : ٣٨.