وليس في البيت الذي أنشده محذوف [٣٤ / ب] [وهو](١). [قول الشاعر] :
٧٥ ـ فقالت على اسم الله. أمرك طاعة |
|
وإن كنت قد كلّفت ما لم أعوّد (٢) |
ولكنه استشهد به ، ليريك أن (طاعة) صلح أن يكون خبرا للأمر. وقد جاء حذف المبتدأ ، مع الخبر بأسره. قال الله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ)(٣). والتقدير : واللائي لم يحضن ، فعدتهم ثلاثة أشهر. فحذف المبتدأ ، والخبر ، لأن الكلام دليل عليه. أي الكلام الذي قبله. وإذا جاز حذفهما معا فما ظنك بحذف أحدهما؟.
باب الفاعل
اعلم أن الفاعل عند أهل العربية : كل اسم ذكرته بعد فعل ، وأسندت ذلك الفعل إليه. وهو مرفوع بفعله. وحقيقة رفعه بإسناد الفعل إليه. وذلك قولك : قام زيد ، وقعد عمرو.
[قلت] : الفاعل : ليس الذي فعل شيئا عند العرب. بخلاف ما هو عند المتكلمين (٤) ، لأن الفاعل عند العرب ، أي : أهل العربية : ما وجب له الرفع. وإنما يجب له الرفع ، بفعل مقدم عليه ، وهو يجري من الفعل ، مجرى أحد حروفه ، بدلائل عشرة ، منها : أنهم قالوا ضربت وضربت ، فأسكنوا لام الفعل ، لما اتصل به ضمير الفاعل. لأنهم ، لو لم يسكنوها ، وقالوا : ضربت : لتوالى في كلمة واحدة أربعة أحرف متحركات. وإنما يتصور ذلك ، إذا عدت التاء من الكلمة عد الضاد منها. وليس في كلامهم كلمة اجتمع فيها أربعة متحركات متواليات. فلما كان كذلك ، علمنا أن التاء أحد أجزاء الفعل. ألا ترى أنهم حين قالوا : ضربك لم يسكنوا الباء مع الكاف ، لأن الكاف في تقدير الانفصال ، من الفعل ، لما كان مفعولا منفصلا عن الفعل. فأما نحو : رسلهم ، وأكلهم ، فإن المضاف ، هاهنا ، كأنه لا يشتد اتصاله بالمضاف إليه اشتداد اتصال الفعل بالفاعل. ألا ترى أن الإضافة غير لازمة والفعل لازم للفاعل ، لا بد له منه ، مع أن أبا عمرو (٥) اسكن ، فقال : (رُسُلُهُمْ)(٦) ومن ذلك أنهم قالوا : يقومان ، ويقومون ، فأتوا بالنون ، وهي علامة الرفع ، بعد ذكر الفاعل. والرفع ، في نحو : يقوم زيد ، مقدم على الفاعل. فاستجازوا : يقومان ، ويقومون ، وتقومين ، لأن الفاعل كجزء من أجزاء الفعل ، متصل بالفعل ، غير منفصل. ومن ذلك أنهم قالوا في : فحصت ، وخبطت : فحصط ، وخبطط ، فقلبوا التاء طاءا ، والتاء فاعلة ، وقلبوها طاءا ليشاكلوا بها
__________________
(١) الأصل غير واضح.
(٢) البيت من الطويل ، لعمر بن أبي ربيعة ، في : ديوانه ٤٩٠ ، والأغاني ١ : ١٩٢ ، والخزانة ٤ : ١٨١.
وبلا نسبة في : الخصائص ٢ : ٣٦٢ ، والمغني ٢ : ٦٣١.
(٣) ٦٥ : سورة الطلاق ٤.
(٤) الفاعل عند المتكلمين هو : (المختار الذي يصح أن يصدر عنه الفعل ، مع قصد وإرادة). وعند النحويين (ما أسند إليه الفعل ، أو شبهه وقدم عليه على جهة قيام الفعل بالفاعل ، ليخرج عنه مفعول ما لم يسم فاعله).
ينظر : التعريفات ٩٩.
(٥) أي : أبو عمرو بن العلاء.
(٦) ٧ : سورة الأعراف ١٠١ ، وقرأها بإسكان الثاني ، كذلك : اليزيدي ، والحسن. إتحاف الفضلاء ١٤٢ ، ٢٢٧.