لم يكن فيه ضمير لارتفاع الظاهر به. [فيقال له] : فقد قال الله تعالى : (فَعَمُوا) [٣٦ / أ](وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ)(١) وقال : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما)(٢) وقال : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)(٣).
[وقال الشاعر] :
٧٨ ـ ولكن ديافيّ ، أبوه ، وأمه |
|
بحوران يعصرن السّليط أقاربه (٤) |
وقالوا : أكلوني البراغيث. فألحق هذه الأفعال ألف التثنية ، وواو الجمع ، وأنت منعت من ذلك [وإنّ](٥) في هذه كلها أوجها : الأول : أن هذه الأسماء الظاهرة ، بعد المضمرات ، جاءت على سبيل البدل منها ، لأن المظهر يبدل من المضمر ، لا إشكال في ذلك. [قال الشاعر] :
٧٩ ـ وكأنه لهق السراة كأنه |
|
ما حاجبيه معيّن بسواد (٦) |
فحاجبيه : ظاهر ، وهو بدل من الهاء المنصوب ب (كأن). و (كَثِيرٌ مِنْهُمْ) : بدل من الواو ، في (عموا). و (أحدهما) : بدل من الألف في (يبلغان). و (الَّذِينَ ظَلَمُوا) بدل من الواو في (أسروا).
و (أقاربه) : بدل من النون في (يعصرن). و (البراغيث) : بدل من الواو في (أكلوني).
الثاني : أن (كَثِيرٌ مِنْهُمْ) : مبتدأ ، وما قبله الخبر. وكذلك : (الَّذِينَ ظَلَمُوا) و (أقاربه) ، و (البراغيث).
الثالث : أن الألف ، والواو في هذه كلها ، حرفا تثنية ، وجمع ، مجردتان من الاسم. والاسم هو الظاهر المرفوع به. وقيل : إن قوله : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) كلام تام. وقوله : (الَّذِينَ ظَلَمُوا) مبتدأ ، وما بعده خبره. أي : (الَّذِينَ ظَلَمُوا) قالوا : (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)(٧). وقيل : لما قيل : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) ، قيل : من؟ فقيل : (الَّذِينَ ظَلَمُوا). أي هم الذين ظلموا ، كما قيل في قولهم : نعم الرجل
__________________
(١) ٥ : سورة المائدة ٧١.
(٢) ١٧ : سورة الإسراء ٢٣ ، وقرأ على التثنية : حمزة ، والكسائي ، وخلف. والباقون على الواحد : (يبلغن) السبعة ٣٧٩ ، وحجة القراءات ٣٩٩ ، وإعراب القرآن ـ للنحاس ٢ : ٢٣٧ ، والنشر ٢ : ٣٠٦.
(٣) ٢١ : سورة الأنبياء ٣.
(٤) البيت من الطويل ، للفرزدق ، في : ديوانه ٨٢ ، والكتاب ٢ : ٤٠ ، والتحصيل ٢٤٧ ، وابن يعيش ٣ : ٩٨ ، ٧ : ٧ واللسان (سلط) ٧ : ٣٢١ ، والخزانة ٥ : ١٦٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٧ ، ٢٣٩ ، ٧ : ٣٤٦ ، ٤٤٦ ، ١١ : ٣٧٣.
وبلا نسبة في : الخصائص ٢ : ١٩٤ ، وهمع الهوامع ٢ : ٢٥٧.
ديافي : منسوب إلى دياف (وهي : قرية بالشام). السليط : الزيت. حوران : من مدن الشام.
(٥) الأصل بياض.
(٦) البيت من الكامل. نسب في نسخة ابن طلحة لكتاب سيبويه ، منقولة من خط الزمخشري إلى الأعشى ، ولم أجده في ديوانه. ونص في الخزانة : أنه من الأبيات الخمسين التي لا يعرف لها قائل. وهو في : الكتاب ١ : ١٦١ ، والتحصيل ١٢٦ ، وابن يعيش ٣ : ٦٧ ، واللسان (عين) ١٣ : ٣٠٢ ، والخزانة ٥ : ١٩٧ ، ١٩٨ ، والانتخاب ٢٠٣ (ضمن مجلة المورد / عدد (٣) سنة ١٩٨٣ م).
لهق السراة : ابيض أعلى الظهر ، وسراة الظهر : أعلاه. ثور معين : بين عينيه سواد.
(٧) ٢١ : سورة الأنبياء ٣.