وفيما يأتي تقويم لما وقع بين يدي من شروح اطلعت عليها ، بعضها طبع وبعضها حقق ولم يطبع ، وبعضها لما يزل مخطوطا ، وغايتي من هذه الموازنة ، هو أن يرى الدارس ، أو القارئ مكانة شرح اللمع لجامع العلوم ، وقد مر عليه بين تلك الشروح واهتمام العلماء بلمع ابن جني ، ورأيت أن أتناولها بحسب تسلسلها التاريخي.
١ ـ شرح اللمع ، المسمى ب (الفوائد والقواعد) (١) ، لعمر بن ثابت الثمانيني المتوفى سنة (٤٤٢ ه).
لقد اتبع الثمانيني في شرح اللمع المنهج الآتي :
أـ شرح اللمع شرحا حرا ، إذ أخذ من ابن جني العنوان فقط ، ثم بدأ يشرح مضمون كلام ابن جني ، وما نقل ، مع طول شرحه ، نصا واحدا قط من اللمع.
ب ـ اعتمد على كتاب سيبويه خاصة ، وأكثر النقل عنه ، والإفادة منه ، وأحيانا أخرى يكتفي بالأفكار التي يتحدث عنها سيبويه.
فمثال النص ، قوله : (قال صاحب الكتاب : المبتدأ كل اسم ابتدأته) (٢) ، و (إنّ" قلت" وقعت في كلام العرب على أن يحكى بها) (٣).
وقد جعل الثمانيني (على أن يحكى) : ليحكى (٤).
وقال أيضا في باب البناء على الضم والكسر والفتح في الاسم والفعل والحرف : (وهم لا يجمعون بين ساكنين إلا إذا كان الأول حرف لين والثاني مشددا) (٥).
فإن نصه في كتاب سيبويه (٦) : (هذا باب اختلاف العرب في تحريك الآخر لأنه لا يستقيم أن يسكن هو والأول من غير أهل الحجاز).
فإن الناظر في شرح الثمانيني ، وكتاب سيبويه ، يدرك تماما مدى اعتماد الثمانيني على أفكار سيبويه ، يقول
الثمانيني : (فأما قولهم في الفعل : مد ، وعض ، فهذا عارض ؛ لأنه في الأمر خاصة) (٧).
ويقول سيبويه : (اعلم أن منهم من يحرك الآخر كتحريك ما قبله ، فإن كان مفتوحا فتحوه ، وإن كان مضموما ضموه ، وإن كان مكسورا كسروه ، وذلك قولك : رد ، وعض ، وفر يا فتى) (٨).
فمثل ب (مد ، وعض) كما مثل سيبويه ب (رد ، وعض).
وقال : هذا في الأمر خاصة ، كما قال سيبويه : وفر يا فتى ، إذ عنى به الأمر خاصة أيضا.
ولم يحظ غير هذا الكتاب عنده بشيء ، وإنما كان يكتفي بذكر بعض الآراء منسوبة إلى أصحابها ، وكثيرا ما كان يكتفي بقوله : قال بعضهم ، وقال بعض النحويين ، وقال قوم ؛ مما يؤدي
__________________
(١) الفوائد والقواعد ، رسالة دكتوراه ، قدمها عبد الوهاب محمود الكحلة ، إلى كلية التربية في جامعة الموصل ، ١٤١٥ ه ـ ١٩٩٥ م.
(٢) نفسه ١٥٦.
(٣) الكتاب ١ : ١٢٢.
(٤) الفوائد والقواعد ١.
(٥) نفسه ١٨.
(٦) الكتاب ٣ : ٥٣٢.
(٧) الفوائد والقواعد ١٨.
(٨) الكتاب ٣ : ٥٣٢.