أَهْلِكَ)(١) وقوله عليه السّلام [٧٠ / ب] : " سلمان منا" (٢). أي مخالطنا ، وملابسنا. وإذا قلت :
أنت مني ، ومعناه : أنت ملابس لي ؛ كان دليل على ما دمنا نسير. لأنه إذا كان ملابسا له ؛ كان يسير معه مادام معه. فإذا لم يكن يلابسه ؛ لم يسر معه. فأنت : مبتدأ. ومني : خبره. وفرسخين ، قائم مقام مضاف في الحقيقة. وتقديره : أنت مني ملابس لي مسير فرسخين. فهذا حقيقة هذا الكلام.
وتقول : عهدي به قريبا ، وحديثا ، وقديما ؛ بالرفع ، والنصب. فالنصب على الظرف ، أي : زمانا قريبا ، وحديثا. والرفع على أن يكون الثاني هو الأول.
وقولك : زيد خلفك. تقديره : زيد مستقرّ خلفك. لا بد من هذا الإضمار ؛ لأن المنصوب لا بد له من ناصب. وقد فسرت هذا في باب خبر المبتدأ تفسيرا مقنعا لا يحتاج إلى الإعادة.
باب المفعول له
[قال أبو الفتح] : اعلم أنّ المفعول له ، لا يكون إلا مصدرا. ويكون العامل فيه فعل من غير لفظه. وإنما يذكر المفعول له ؛ لأنه عذر ، وعلة ؛ لوقوع الفعل قبله تقول : زرتك طمعا في برك.
وقصدتك ابتغاء لمعروفك. أي : زرتك للطمع ، وقصدتك لابتغاء المعروف. قال الله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ)(٣). أي : لحذر الموت. [قال الشاعر] :
١٧٦ ـ وأغفر عوراء الكريم ، ادخاره |
|
وأعرض عن شتم اللئيم ، تكرّما (٤) |
أي : لادخاره ، وللتكرم فلما حذف اللام منه ، نصبه بالفعل الذي قبله.
[قلت] : المفعول له : مصدر لعلة وقوع الفعل قبله ، وسبب في إيجاده. وهو في الحقيقة جواب (لم). وذلك ؛ لأن القائل إذا قال : جئتك ؛ كأنه قيل : لم جئت؟. فقال : لطمع في برك.
فحذفت اللام (٥) ، فأفضى الفعل إلى ما بعده ، فنصبه. وقد يكون هذا المصدر معرفة ، ونكرة ؛ خلافا لأبي عمر (٦) ؛ فإنه لم يجز فيه إلا النكرة. وقوله تعالى : (حَذَرَ الْمَوْتِ.) حجة عليه ،
__________________
(١) ١١ : سورة هود ٤٦.
(٢) المعجم الكبير ـ للطبراني ٦ : ١١٣ ، ونزهة الألباء ٢٨٢ ، وسلمان : هو أبو عبد الله ، سلمان الفارسي ، ويعرف بسليمان الخير (ت ٣٥ ه). مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ سئل عن نسبه فقال : أنا سلمان بن الإسلام ، أصله من فارس ، أول مشاهده مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ الخندق ، آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينه وبين أبي الدرداء. ينظر : أسد الغابة في معرفة الصحابة ٢ : ٤١٧ ـ ٤٢١.
(٣) ٢ : سورة البقرة ١٩.
(٤) البيت من الطويل ، لحاتم الطائي ، في : ديوانه ٧٢ ، والكتاب ١ : ٣٨٦ و ٣ : ١٢٦ ، وفيه : وأصفح عن ، والتحصيل ٢٢٢ ، وشرح اللمع ـ لابن برهان ١ : ١٢٦ ، والمشكل ١ : ٤٤٤ ، وابن يعيش ٢ : ٥٤ ، والخزانة ٣ : ١١٥ ، ١٢٢ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، وفيها : اصطناعه ، بدل ادخاره ، واللسان (عور) ٤ : ٦١٥.
وبلا نسبة في : المقتضب ٢ : ٣٤٨ ، ومعاني القرآن ـ للأخفش ١ : ١٦٧.
(٥) الكتاب ٣ : ١٢٦.
(٦) أي : الجرمي