يكون قوله : والطلاق عزيمة ، اعتراضا بين الصلة ، والموصول. فإن هذا قول. والذي بدأنا به أشبه ؛ لأن الاعتراض كأنه ليس بالكثير. ثم إنّ الناس من بين مجوز للقياس على ما صنعت وأباك ، ومن بين مانع. فالمجوز يحتج بأنه نظير : مررت بزيد ، و : رغبت إلى عمرو. والمقتصر على السماع ، يزعم : أنه خارج من العادة ؛ إذ الواو تكون للعطف ، ولا تكون للتعدية. فإن جاء شيء وجب الاقتصار على ما جاء ، ولا يتعدى. والله أعلم.
باب الحال
[قال أبو الفتح] : الحال : وصف هيئة الفاعل ، أو المفعول. ولفظها نكرة ، تأتي بعد معرفة ، قد تم عليها الكلام. وتلك النكرة ، هي المعرفة في المعنى (١). وذلك قولك : جاءني زيد ، راكبا.
[قلت] : الناصب للحال ، كونه مشابها للمفعول به ؛ وذلك ؛ لأنه يأتي بعد تمام الفعل والفاعل ؛ كما إنّ المفعول كذلك. ولأنه فضلة ؛ كما أنّ المفعول فضلة ؛ والحال تشبه الظرف من وجه ، وتشبه التمييز من وجه. فمن حيث كونه مشابها للظرف ، هو أنه : متضمن لمعنى (في).
وذلك ؛ لأنك إذا قلت : جاءني زيد راكبا [٧٣ / أ] ، فمعناه : جاءني زيد في حالة الركوب. وتشبه التمييز ؛ لأنك ، إذا قلت : جاءني زيد ؛ فهو كلام مبهم ، لا يدري في أية حالة جاء. فلما قلت : راكبا ، بينت ذلك ، وأزلت الإبهام. كما أنك إذا قلت : عندي عشرون ، كان مبهما. فإذا قلت : درهما ؛ فقد بان ذلك المعنى.
وللحال ستّ شرائط :
الأول : أن يكون بعد تمام الكلام.
والثاني : أن يكون نكرة.
والثالث : أن يكون صاحبها معرفة.
والرابع : أن يكون مشتقا ، أو في معنى المشتق.
والخامس : أن يكون فيه ضمير ، أو ما يقوم مقام الضمير.
والسادس : أن يكون منتقلا. وذلك في أغلب الأحوال.
فإذا قلت جاءني زيد راكبا ؛ انتصب قولك : راكبا ، على الحال ؛ لأنه جاء بعد تمام الكلام.
ولو قلت : جاءني زيد ، ولم تذكر (راكبا) جاز. وهو نكرة ، وصاحبها زيد ، وهو معرفة. وراكب.
مشتق من (ركب) وفيه ضمير ، يعود إلى صاحب الحال ، وهو منتقل لأنه قد يصير غير راكب.
وقولي : أو في معنى المشتق ؛ مثال قوله عز وجل : (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً)(٢) ف (آية) عند أبي علي : حال. ومعناه : مبيّنة. وقولي : أو ما يقوم مقام الضمير. أعني به ، أنّ الجملة إذا وقعت حالا ؛ نحو قولك : جاءني زيد وأبوه قائم ؛ ربما يكتفى فيه بالعائد ، وربما يكتفى فيه بالواو ، وربما
__________________
(١) اللمع في العربية ١٣٤.
(٢) ١١ : سورة هود ٦٤.