جعله من الخز ، مجازا. وعند الأخفش ، من : زائدة [٨٦ / ب] ، أي فوقه : خز العراق المفوف.
كقوله : (فِيها مِنْ بَرَدٍ)(١) ، على تقديره.
ومن حروف الجر : (إلى) وهي لانتهاء الغاية ، كقولك : سرت من البصرة إلى الكوفة. أي : انتهى سيري إلى الكوفة. والكوفة غاية له. وهذه الغايات ، من جهة اللغة ، بمنزلة المجمل ، لا يعرف من ظاهرها ، دخولها فيما قبلها ، حتى تجيء قرينة توجب ذلك. ألا ترى أن قوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ)(٢) دخلت المرافق ، في الغسل ، عند الأكثرين. وقال : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(٣). والليل غير داخل في الصوم. وقال : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (٥) (٤). فالسلام منتهى طلوع الفجر. فمن قال لامرأته : أنت طالق من واحدة إلى ثلاث ، تطلق ثنتين. لأن الأول ، لمّا كان لابتداء الغاية ، دخل في الفعل ، والآخر خرج عنه خروج الليل من الصوم. وعند زفر (٥) : تطلق واحدة ، لأنه يخرج الغاية الأولى ، والآخرة من الكلام. وروي عن أبي حنيفة (٦) ، أيضا ، أنه يقع ثلاث ، ويدخل الآخر ، أيضا للغاية ، كقوله : (إلى المرافق).
٢٤ : سورة النور ٤٣. وقالوا : إن (إلى) تجيء بمعنى (مع). قال الله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)(٧). قالوا : معناه : مع أموالكم. وكذا قوله : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ)(٨). أي : مع الله. وهذا ، في الحقيقة غير ما يدعون فيه. وإنما (إلى) على بابه. فقوله : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)(٩) ، تقديره : ولا تأكلوا [أموالهم] : مضمومة إلى أموالكم. وكذلك قوله (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) ، معناه : من يضيف نصرته إياي إلى نصرة الله. فهذا مجاز هذا الكلام.
وأما (في) فللوعاء ، والمحل. كقولك : اللّصّ في الحبس ، والمال في الكيس. قالوا : وتجيء (في) بمعنى (على) كقوله : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)(١٠). قالوا : معناه : على جذوع النخل. وهذا في الحقيقة على معناه ، لأن الجذع ، إذا اشتمل على المصلوب ، كان المصلوب فيه. قالوا : وتجيء (في) بمعنى (مع). كقوله تعالى : (فَادْخُلِي فِي عِبادِي) (٢٩) (١١) ، أي : مع عبادي. وهذا ، في الحقيقة : ادخلي في عرض عبادي ، وفي جملتهم.
وأما (عن) فيكون [٨٧ / أ] على ثلاثة أضرب : يكون حرفا ، ويكون معناه لما عدا الشيء ،
__________________
(١) ٢٤ : سورة النور ٤٣.
(٢) ٥ : سورة المائدة ٦.
(٣) ٢ : سورة البقرة ١٨٧.
(٤) ٩٧ : سورة القدر ٥.
(٥) هو : أبو الهذيل ، زفر بن الهذيل بن قيس العنبري من تميم (ت ١٥٨ ه) ، صاحب الإمام أبي حنيفة ، كان فقيها حافظا ، ومحدثا ، غلب عليه الرأي. (الجواهر المضيئة ٢٤٣ ، ٢٤٤).
(٦) هو : الإمام نعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه (ت ١٥٠ ه) ، الفقيه الكوفي ، إليه ينسب الحنفية. (الجواهر المضيئة ٤٥١ ـ ٥١٨).
(٧) ٤ : سورة النساء ٢.
(٨) ٦١ : سورة الصف ١٤.
(٩) ٤ : سورة النساء ٢.
(١٠) ٢٠ : سورة طه ٧١.
(١١) ٨٩ : سورة الفجر ٢٩.