فعل. فمن قال : (والقمر قدّرناه) ، بالرفع (١) ، فهو : مبتدأ وخبر. ومن قال : (والقمر قدرناه) ، بالنصب ، فالقمر : منصوب بإضمار فعل يفسره (قدرناه) كأنه قال ، مثلا : وقدرنا القمر ، فأضمر (قدرنا) استغناءا عنه ، بقوله : (قدرناه).
والاختيار ، في مثل هذا ، الرفع. والنصب جائز حسن. فأما إذا كان هذا المفعول الذي شغل الفعل بضميره ، بعد جملة من فعل ، وفاعل ، نحو قولك : قام زيد ، وعمرا ، كلمته ، فالاختيار فيه : النصب. والرفع جائز. وإنما اختير النصب ، لإضمار فعل معطوف على ما تقدم من الفعل ، والفاعل ، ليكون موافقا له ، ومطابقا. فعلى هذا : والزاد ، حتى نعله ..... تنصب (نعله) ب (ألقى) مضمرة ، فيكون موافقا لقوله : ألقى الصحيفة. واستغنى عنها ، بقوله : ألقاها. ونظير ذلك في التنزيل : (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ)(٢). فنصب (الظالمين) بإضمار فعل ، دل عليه : (أعد لهم عذابا) ، فكأنه قال : ويعذب الظالمين [٩١ / أ] فيكون محمولا على (يدخل).
[قال الشاعر] :
٢٣٣ ـ أصبحت لا أحمل السّلاح ، ولا |
|
أملك رأس البعير ، إن نفرا |
والذّئب أخشاه ، إن مررت به |
|
وحدي. وأخشى الرّياح ، والمطرا (٣) |
فنصب (الذئب) بإضمار فعل فسره (أخشاه). ولو رفع (الذئب) لم ينكسر البيت ، لكنه نصبه ، لأن قبله :
... |
|
ولا أملك رأس البعير .... |
فعلى هذا تصرّف (حتى) في الأسماء.
فأما دخولها في الأفعال ، فعلى ضربين ، أعني إذا دخلت على المضارع ، ونصبته ، كانت بمعنى (إلى أن) وبمعنى (كي). على ما ذكره أبو الفتح. قال الله تعالى (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ)(٤) وقال : (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها)(٥). فنصب بإضمار (أن). و (أن) مع ما بعده ، في تقدير المصدر : مجرور ب (حتى). فأما من قرأ (٦) : (حتّى يقول الرسول) فإن رفع الفعل بعد (حتى) إنما يكون ، إذا كان ذلك الفعل بمعنى الماضي ، أو بمعنى الحال. تقول : سرت حتى أدخلها فله معنيان : سرت حتى
__________________
(١) وهي قراءة : ابن كثير ، ونافع ، وأبي عمرو ، وروح. مجمع البيان ٨ : ٤٢٣ ، والنشر ٢ : ٣٥٢.
(٢) ٧٦ : سورة الإنسان ٣١.
(٣) البيتان من المنسرح ، للربيع بن ضبع الفزاري ، في : الكتاب ١ : ٨٩ ، ٩٠ ، والتحصيل ١٠٢ ، وأمالي المرتضى ١ : ٢٥٥ ، ٢٦٥.
وبلا نسبة في : المحتسب ٢ : ٩٩ ، وهمع الهوامع ٤ : ٢٨١.
(٤) ٢ : سورة البقرة ٢١٤.
(٥) ٤٧ : سورة محمد ـ عليه الصلاة والسّلام ـ ٤.
(٦) وهو : نافع. النشر ٢ : ٢٢٧ ، وإتحاف الفضلاء ١٥٧.