دخلتها ، وسرت أدخلها الآن. ويكون الدخول موجب السير. ولو قلت : سرت حتى أدخلها ، بالنصب ، فالسير واقع ، والدخول لم يقع. فالرفع في : (حتى يقول الرسول) ، إنما هو على المضي.
أي : وزلزلوا حتى قال الرسول. ويكون على المعنى الآخر ، على حكاية الحال ، أي : وزلزلوا حتى بلغ حال الرسول إلى هذا. فأبدا لا يخلو ما بعد حتى عما ذكرنا. وتقول : سرت حتى تطلع الشمس ، بالنصب ، لا غير ، لأن طلوع الشمس ، ليس موجب السير. [وتقول] سرت حتى أدخلها ، بالرفع ، وتطلع الشمس. لم يجز إلا رفع (تطلع). ترفع (تطلع) عطفا على قوله : أدخلها.
فإن قلت : حتى أدخلها ، وحتى تطلع الشمس ، جاز نصبه لظهور (حتى) الدالة على (أن) المضمرة. ولو قلت : ما سار زيد حتى يدخلها ، بالرفع ، لم يجز عندنا ، لأن السير لم يقع ، فلا بد من نصب ما بعد (حتى).
والأخفش (١) يجيز الرفع ، ويحمل النفي على الإثبات. وليس بالصواب ، لأن النفي يخالف الإثبات ، فلا يقاس عليه. فإن قلت : أين سار زيد حتى يدخلها ، جاز الرفع ، لأن السير واقع. ولو قلت : أسار حتى يدخلها ، لم يجز الرفع ، لأن [٩١ / ب] السير غير واقع. ولو قلت : [قلما](٢) سرت حتى أدخلها ، لم يجز بالرفع ، لأن (قلما) نفي ، بدليل قولك : قل رجل يقول ذاك إلا زيد.
ولو قلت : إنما سرت حتى أدخلها ، جاز الرفع ، لأنه سير محقق. ولو حملت إنما على النفي ، والإثبات ، كأنك قلت : ما سرت إلا لهذا ، كان نفيا. ولو قلت : كان سيري حتى أدخلها ، وكانت (كان) ناقصة ، لم يجز رفع ما بعد (حتى) لأنه يبقى (كان) بلا خبر. وإنما يبقى (كان) بلا خبر ، لأنها إذا رفع (أدخلها) آذن بتمام الكلام قبله ، فلا يكون خبرا لكان. فإن كان (كانت) تامة ، جاز رفع : يدخلها ، لأن السير أوجبه. ولو قلت : كان سيري أمس حتى أدخلها ، وجعلت (أمس) خبر (كان) جاز الرفع. ولو علقته بنفس سيري ، كان فيه التفصيل من النقصان ، والتمام. فاعرف هذا ، فإنه مشكل ، ولا يعرفه إلا من أخذه من أفواه الرجال.
باب الإضافة
[قال أبو الفتح] : وهي ، في الكلام ، على ضربين : أحدهما : ضم اسم إلى اسم ، هو غيره ، بمعنى اللام. والآخر : ضم اسم إلى اسم ، هو بعضه ، بمعنى (من). الأول منهما نحو قولك : هذا غلام زيد ، أي : غلام له. وهذه دار عبد الله ، أي دار له. والثاني نحو قولك : هذا ثوب خز ، أي ثوب من خزّ. وهذه جبة صوف ، أي : جبة من صوف.
[قلت] : الإضافة ، كما ذكر ، قسمان : أحدهما : بمعنى اللام ، يكون الأول غير الثاني. والآخر : بمعنى (من) يكون الأول بعض الثاني ، ويقع عليه اسم الثاني. فالأول على ضربين : أحدهما ، أن تكون فيه الإضافة محضة. والآخر : غير محضة. فالأول أيضا ، قسمان : أحدهما : أن يكون المضاف غير ظرف. والآخر : ظرف. فالأول : قولك : غلام زيد. والتقدير : غلام لزيد. فحذف التنوين ،
__________________
(١) المغني ١ : ١٢٦. وفيه : (أجاز الأخفش الرفع بعد النفي على أن يكون أصل الكلام إيجابا).
(٢) في الأصل : قل ما.