وأقيم المضاف إليه مقامه ، وهما لا يجتمعان ، لأن التنوين مقطع الاسم ، وتمامه. والمضاف إليه بعض المضاف ، ومن تمامه ، فلا يدخل التنوين بينهما ، لأن التنوين يفصل بينهما والفصل بينهما ممتنع [٩٢ / أ] إلا في ضرورة الشعر. [قال الشاعر] :
٢٣٤ ـ لمّا رأت ساتيد ما استعبرت |
|
لله درّ ، اليوم ، من لامها (١) |
أي : در من لامها اليوم. [وقال الآخر] :
٢٣٥ ـ كأنّ أصوات ، من إيغالهنّ بنا |
|
أواخر الميس ، أصوات الفراريج (٢) |
أي : كأن أصوات أواخر الميس. ففصل للضرورة. فأما في غير الضرورة ، فالفصل ممتنع.
وقراءة ابن عامر : (قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ)(٣) ، بإضافة (قتل) إلى (شركائهم) مع الفصل بالمفعول ، لم يستحسنوه (٤) ، لما ذكرناه. وأما الظروف ، فقولك : خلف زيد ، وعند بكر. تقديره : خلفا لزيد ، فهو بمعنى اللام. فإن قلت : فإن الاسم ، إذا تضمن معنى الحرف ، وجب بناؤه. فلم لم يبن هاهنا ، وقد تضمن معنى اللام؟!.
قلنا : إن الاسم ، إنما يبنى ، إذا تضمن معنى الحرف ، ولم يجز إظهار الحرف معه. وهاهنا ، إظهار اللام جائز. فقولنا : غلام زيد ، أي : غلام لزيد ، ومعناهما واحد ، وكلاهما في اللفظ سائغ.
فاعرفه.
والأسماء المتضمنة للحروف ، على ثلاثة أقسام : قسم يتضمن معناها ، ولا يظهر معها ، فيبنى لتضمنه معنى الحرف. مثل (من) و (كم) فتضمنتا معنى (الهمزة). ولو أظهرت (الهمزة) لم يجز. وقسم ثان ، وهو : أن يكون الاسم معدولا عن اسم آخر ، نحو : سحر ، فهو معدول عن (السّحر) باللام. فهذا لا يبنى ، لأن (سحر) اللام فيه مراد ، كما في المعدول عنه ، ظاهر. فهو في اللفظ غير منطوق به ، ولكنه في التقدير مراد. لو لم يكن مرادا ، لم يكن معدولا ، لأن العدل هو أن تلفظ ببناء ، وتريد آخر. وإذا كان تقديره بمنزلة الثبات ، لم يجب بناؤه.
وقسم ثالث : وهو الإضافة ، والظروف ، وغير ذلك. نحو : غلام زيد ، وجلست خلفك ، وقمت اليوم. لو أظهرت الحرف ، جاز. ولو لم تظهر ، جاز. فهذا معرب غير مبني ، أيضا ، فافهمه.
والقسم الثاني ، من الأول ، وهو الإضافة التي ليست بمحضة ، وهو ينقسم أربعة أقسام :
__________________
(١) سبق ذكره رقم (١٩).
(٢) البيت من البسيط ، لذي الرمة ، في : ديوانه ٢ : ٩٩٦ ، والكتاب ١ : ١٧٩ ، ٢ : ١٦٦ ، ٢٨٠ ، والتحصيل ١٤٤ ، والخصائص ٢ : ٤٠٤ ، والإنصاف ٢ : ٤٣٣ ، والخزانة ٤ : ١٠٨ ، ٤١٣ ، ٤١٩. وبلا نسبة في : ابن يعيش ٣ : ٧٧.
(٣) ٦ : سورة الأنعام ١٣٧. السبعة ٢٧٠ ، وحجة القراءات ٢٧٣.
(٤) فقد رد هذه القراءة جمع من العلماء ، منهم : النحاس ، والزمخشري ، وابن عصفور ، الخصائص ٢ : ٤٠٧ ، وإعراب القرآن ـ للنحاس ١ : ٥٨٢ ، والكشاف ٢ : ٥٤ ، ومجمع البيان ٤ : ٣٧٠ ، وتفسير القرطبي ٧ : ٩١ ، والنشر ٢ : ٢٦٣ ، وينظر : أثر القرآن والقراءات في النحو العربي ٣٢٣.