وذكر ابن السري (١) : أن الصفة على ضربين : صفة محضة ، وصفة غير محضة. فالأول على خمسة أقسام : حلية كالزرقة ، والحمرة ، في : مررت برجل أزرق ، وأحمر. وصفة بفعل ، كضارب ، وقاتل. وصفة بغير هذين ، كفهم ، وعاقل. وصفة بشيء منسوب إلى أب ، أو بلدة ، كقولك :
مررت برجل بصريّ ، أو هاشميّ. وصفة بذي ، الذي معناه : صاحب ، كقولك : مررت برجل ذي مال. وكنا قديما ذكرنا فصلا في (ذي) في أول الكتاب.
وأما الصفة التي ليست بمحضة [١٠٠ / أ] ، فثلاثة أقسام : صفة بمفرد ، كقولك : هذا رجل له إبل مئة. وصفة بمضاف ، كقولك : مررت برجل أبي عشرة. وصفة بموصول ، كقولك : مررت برجل أفضل منك. والله أعلم.
باب التوكيد
[قال أبو الفتح] : اعلم أن التوكيد : لفظ يتبع الاسم المؤكّد ، لرفع اللبس ، وإزالة الاتساع.
[قلت] : التأكيد على ضربين : تأكيد بلفظ غير محيط بالأول. وتأكيد بلفظ محيط بالأول.
فالأول على ضربين : تأكيد بلفظ مكرر. وتأكيد بلفظ في المعنى ، هو الأول دون اللفظ.
فالأول : يلحق الأسماء ، والأفعال ، والحروف ، والجمل ، وغير ذلك. تقول : جاءني زيد زيد. وقام زيد قام زيد وفي الدار في الدار زيد قائم فيها. قال الله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها)(٢). وقال : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١٣) (٣) فهذا في الجملة الفعلية. وقال في الاسمية : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١٠) (٤). وقال : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ)(٥) ثم قال : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا)(٦).
وأما الآخر ، فقولك : جاءني زيد نفسه عينه ، فتكرر بمعناه دون لفظه. ف (نفسه) في هذا الموضع ، كقولك (حقا) في قولك : جاءني زيد حقا. وتقول : قمت أنت نفسك. ولا تقول ، قمت نفسك. كما لا تقول : قمت وزيد ، حتى تقول : قمت أنت وزيد. فالتأكيد كالعطف.
[قال أبو الفتح] : وإنما تؤكّد المعارف دون النكرات ، مظهرها ، ومضمرها. فالمضمر : قمت أنت نفسك. والمظهر : جاءني زيد نفسه.
والثاني ، من التأكيد : ما يكون محيطا بالأول ، وذلك نحو : كل ، وأجمع ، وأكتع ، وأبصع ، وجمعاء ، وكتعاء ، وبصعاء ، وجمع ، وكتع ، وبصع. جاءني القوم كلهم أجمعون أكتعون أبصعون ، هذا في الظاهر. وفي المضمر : جاؤوني أجمعون أكتعون أبصعون ، ويجوز : جاؤوني أجمعون ، ولا يجوز : جاؤوني أنفسهم ، حتى تقول : هم أنفسهم. لأن أجمعين قد تمكّن في التبعية ، وأنفسهم لم يتمكن تمكنه. فجاز فيه ما لا يجوز في ذلك. [١٠٠ / ب].
وإنما جاز تأكيد المعرفة ، دون النكرة ، لأن النكرة لم تثبت لها عين ، فتؤكد ، ولأن الأسماء
__________________
(١) الأصول ٢ : ٢١ ، ٢٦.
(٢) ١١ : سورة هود ١٠٨.
(٣) ٥٥ : سورة الرحمن ١٣.
(٤) ٨٣ : سورة المطففين ١٠.
(٥) ٢ : سورة البقرة ٢٥٣.
(٦) ٢ : سورة البقرة ٢٥٣.