اسم : أبي حنيفة ، والشافعي ، والمعتزلة ، والاشاعرة ، يذكرها بكثرة في هذا الشرح ، ومن أمثلة ذلك ، صيغة الأمر الصادر عن الله عز وجل ، في (افعل ولا تفعل) جاء قوله : (إن الأمر (١) له صيغة (افعل) عند النحاة والمعتزلة ، وقالت الأشاعرة : لا صيغة له ، ويقتضي الوجوب عند أصحاب أبي حنيفة ، رحمة الله عليه ، وقال الشافعي : يقتضي الإباحة) (٢).
وأورد مثلا آخر ، دليلا على ازدحام النحويين السابقين في شرحه ، قال : (وأبو عمرو ويونس وعيسى بن عمر والمبرد والجرمي ينصبونه (٣). فحجة سيبويه أنه أشبه المعمول المعرب غير المنصرف .. فإن ناديت منقوصا ، فيونس يقول : يا قاض ؛ وحجته أنه باب حذف .. وسيبويه يختار قول يونس) (٤).
٤ ـ التعليل : اعتنى ابن الدهان العناية كلها ، بتعليل كل ما يشرحه ، أو يضع له هو نفسه أسئلة ، فيجيب عليها موضحا ومعللا ، على طريقة (الفنقلة) (٥) من نحو ما جاء في الشرح : (فإن قيل على قول من قال : إن (يا) يحدث تعريفا ، فكيف جمعت (يا) مع المضاف ؛ وهما للتعريف؟.
فالجواب : أن الإضافة لم تلابس (يا) ، فصار ذلك بمنزلة وجود (أن واللام) إذا فصل بينهما (٦). والثاني : أن المضاف إليه واقع موقع التنوين ، وأنت لا تمنع من اجتماع (يا) مع التنوين ..) (٧).
د ـ الشاهد : حظي الشاهد القرآني ، عند ابن الدهان ، حظوة كبيرة ، فاستشهد بالقرآن الكريم ، حيث وجد إلى ذلك سبيلا ، سواء لتأييد قاعدة ، أو نصرة رأي ، أو إبطال حجة ، ونحن قد أسلفنا أن أسماء النحويين وآراءهم قد وردت كثيرا ، ترفدهم أسماء الفقهاء ، والمذاهب الفقهية ، وما يستتبع ذلك ، من إبطال لرأي ، أو تأييد لحجة.
ومن أمثلة ذلك ، أن أكثر العلماء ذهبوا إلى أن الأعداد من الثلاثة إلى العشرة (٨) ، يعود ضمير الغائبة عليها بالنون (٩) ، كأن تقول : زرت عليا لخمس ليال خلون من رمضان ، ويعود لما فوق ذلك ، بالتاء ، كأن تقول : رجعت من المدينة لثلاث عشرة ليلة خلت ، وقد نصر ابن الدهان هذا الرأي بقوله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً
__________________
(١) أي الأمر الشرعي.
(٢) الغرة لابن الدهان ٢٩.
(٣) أي ينصبون (عديا) في قول الشاعر :
ضربت صدرها إلي وقالت |
|
يا عديا لقد وقتك الأواقي |
(٤) الغرة لابن الدهان ٢٨.
(٥) الفنقلة : اسم منحوت من قولهم : (فإن قلت ، فقد قلت).
(٦) يعني : أن (إن واللام) للتوكيد ، فيفصل بينهما ، فيقال ، مثلا : إن محمدا لحاضر.
(٧) الغرة لابن الدهان ٣٨.
(٨) نفسه ١٢.
(٩) كشف المشكل ٢ : ٧٩ ، ٨٠.