شرح اللّمع في النحو

قائمة الکتاب

البحث

البحث في شرح اللّمع في النحو

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

شرح اللّمع في النحو

شرح اللّمع في النحو

شرح اللّمع في النحو

تحمیل

شارك

اعلم أن الفاء ، في كلامهم على ثلاثة أقسام :

الأول : أن تكون للتعقيب ، والعطف.

والثاني : أن تكون جواب الشرط.

والثالث : أن تكون زائدة.

فالتعقيب ، مثل [١٠٥ / أ] ما ذكرها. والشرط ، والجزاء ، كقولك : إن تأتني فزيد يقوم. فالفاء ربطت الجملة الاسمية بالفعلية ، لأنها كانت أجنبية منها ، فالفاء صارت رابطة. فكل موضع يوجد فيه الفاء ، فمعنى التبعية فيه موجود ، سواء كان في باب العطف ، أو في باب الجزاء ، إلا أن تكون زائدة. [قال الشاعر] :

٢٦٩ ـ لا تجزعي ، إن منفسا أهلكته

وإذا هلكت ، فعند ذلك فأجزعي (١)

فالفاء ، في قوله : فعند ذلك ، زائدة ، لأن جواب (إذا) قوله : فاجزعي. ومما جاء من ذلك في التنزيل ، قوله تعالى : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ)(٢). أي : لا تحسبنهم بمفازة. وحكي عن العرب : أخوك فوجد ، أي أخوك وجد فالفاء زائدة.

[قال أبو الفتح] : ومعنى (ثم) المهلة ، والتراخي. تقول : قام زيد ثم عمرو. أي : بينهما مهلة.

هذا كما قال ، لكن السائل يسأل ويقول : إذا كان (ثم) للمهلة ، والتراخي ، وأن الثاني بعد الأول ، فكيف قال تعالى (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ)(٣) ، فعطف إعطاء موسى الكتاب ، على إعطائه محمدا ، وقال : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ)(٤) إلى قوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ ،) فذكر هاهنا ، أنه خلق الأرض أولا ، (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً)(٥) ، وقال في موضع آخر (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ)(٦) ، ثم قال : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٣٠) (٧). فهذا يوجب خلق السماء قبل خلق الأرض ، وفي الآية الأولى يوجب (ثم) خلق السماء بعد خلق الأرض ، وهذا كثير في القرآن ، والشعر ، فلم زعمتم أن (ثم) توجب المهلة ، والترتيب؟!.

[قلت] : فإن شيئا من هذا لا يخرج عما ذكرنا. و (ثم) في هذه الأشياء لترتيب الخبر على الخبر ، لا لترتيب الفعل على الفعل. فقوله (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) إنما هو على تقدير : قل تعالوا ، ثم قل ، وأخبر هذا. وكذا (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) أي : ثم أخبركم بهذا. وقد قيل : إنه خلق الأرض ، ولم يدحها ، إلا بعد خلق السماء. فإنه لما خلقها دحا الأرض فقوله : (بعد ذلك) ، أي :

__________________

(١) البيت من الكامل ، للنمر بن تولب ، في : ديوانه ٧٢ ، والكتاب ١ : ١٣٤ ، والتحصيل ١١٩ ، والخزانة ١ : ٣١٤ ، ٣٢١ ، ٣ : ٣٢ ، ٩ : ٤١ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ١١ : ٣٦. وبلا نسبه في : المقتضب ٢ : ٧٦ ، وابن يعيش ٢ : ٣٨.

(٢) ٣ : سورة آل عمران ١٨٨.

(٣) ٦ : سورة الأنعام ١٥٤.

(٤) ٤١ : سورة فصلت ٩.

(٥) ٤١ : سورة فصلت ١١.

(٦) ٧٩ : سورة النازعات ٢٧.

(٧) ٧٩ : سورة النازعات ٣٠.