على جل أسرار ذلك ولطائفه.
المبحث الرابع
المذهب النحوي لجامع العلوم وآراؤه
على الرغم من أن جامع العلوم من سكان أصبهان ، أحد أقاليم إيران (١) ، وأنه قد توفي سنة (٥٤٣ ه) إذ مضى على اكتمال مدرستي الكوفة والبصرة فكرا وقواعد ، أكثر من قرنين من الزمان من تاريخ وفاته نزولا (٢) ، فقد كان جامع العلوم بصري المذهب وكان يعلن انتسابه إليه بألفاظ شتى ، منه قوله.
١ ـ عندنا :
إذ ترددت هذه اللفظة في شرح اللمع كثيرا عند ذكره رأيا بصريا من ذلك ، على سبيل المثال ، قوله في إعراب الأسماء الستة ، قال : ((ثم اختلفوا (٣) في هذه الحروف هل هي حروف إعراب ، أم أنفس الإعراب؟ فعندنا : الواو في موضع الرفع ..)) (٤).
ومسألة إعراب الأسماء الستة مسألة خلافية بين الكوفيين والبصريين ، ذهب فيها الكوفيون إلى أن الأسماء الستة معربة من مكانين ، فالضمة والواو : علامة للرفع ، والفتحة والألف : علامة للنصب ، والكسرة والياء : علامة للجر.
وذهب البصريون إلى أنها معربة من مكان واحد ، فالواو : علامة للرفع والألف : علامة للنصب ، والياء : علامة للجر (٥) ، وقد رد جامع العلوم رأي الكوفيين من خلال رده على الفراء في هذه المسألة (٦).
ومنه قوله في خبر المبتدأ إذا كان اسما محضا (أي جامدا) أيتضمن الضمير أم لا؟ قال : ((.. فالذي هو هو : زيد أخوك ، فالأخ زيد ، وزيد الأخ ، فهذا لا ضمير فيه عندنا ؛ لأنه ليس بمشتق)) (٧).
وهذه مسألة خلافية أيضا ، ذهب فيها الكوفيون إلى أن خبر المبتدأ إذا كان اسما محضا ؛ فقد تضمن ضميرا ، يرجع إلى المبتدأ ، نحو : زيد أخوك ، والى ذلك ذهب من البصريين علي بن عيسى
__________________
(١) معجم البلدان ١ : ٢٠٦ ـ ٢١٠.
(٢) إذ انتهت طبقات النحويين البصريين بابن السراج المتوفى سنة (٣١٦ ه) وانتهت طبقات النحويين الكوفيين بثعلب المتوفى سنة (٢٩١ ه).
ينظر : أخبار النحويين البصريين ٨٠ ، ٨١ ، وطبقات النحويين واللغويين ١١٢ ، ١٤١ ـ ١٥٠.
(٣) أي : النحويون.
(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ٣٩.
(٥) ينظر : الكتاب ١ : ١٧ ، ١٨ ، والمقتصد ١ : ١٠٣ ، وثمار الصناعة ٦٨ ، والإنصاف ١ : ١٧ ، والجمل ١ : ١١٩ ـ ١٢٢ ، وابن يعيش ٥١ ـ ٥٤.
(٦) شرح اللمع لجامع العلوم ٣٩.
(٧) نفسه ٧٢.