يكون (فيعل) في الأسماء المعتلة ، نحو : سيّد ، وميّت. وقوله في الفصل المتقدم : وصميان بمنزلة : كروان ، يعني من قال : يا حار ، قال : يا صمي. ومن قال : يا حار ، قال : يا صما ، يقلب ، كما يقلب في : كرا. وباب الترخيم ، باب يطول ذكره ، وفيما ذكر دليل على غيره.
باب النّدبة
أكثر العلماء ، لم يذكروا هذا الباب ، إذ ليس هو شيئا عاما في كلامهم. وأكثرهم لا يعرفونه.
وقد ذكر أنه شي يختص بالنساء. وهو خارج عن عادات العرب. ألا ترى : أن (وا) كأنه مأخوذ من العجم. وإذا كان كذلك ، فمن ذكر هذا الباب ، فغرضه أن يبني عليه المسائل التي يشتبه بعضها ببعض ، في بعض الأحوال.
فمن ذلك ، أنه إذا ندب غلام المخاطب ، قال : واغلامكاه. وإذا ندب غلام المخاطبة ، قال : واغلامكيه. فيخرج عن سنن الندبة ، إذ سنن الندبة ، أن يلحق بالأخير ألف ، وفي الوقف ألف ، وهاء. فلما احتاج ، هنا ، إلى الفرق بين المذكر ، والمؤنث ، قلب الألف اللاحقة ، ياءا ، لانكسار ما قبلها. ومن ذلك : غلام الغائبين ، يقال فيه : يا غلامهموه. فيقلب الألف واوا ، كي لا يشتبه بغلام الاثنين. وكذا جماعة المخاطبين ، يقال فيه : يا غلامكموه ، كي لا يشتبه ، ب (يا غلامكماه) ويقال : يا غلامهموه ، في الغائب لئلا يشتبه بالغائبة ، نحو : يا غلامهاه. وهذه الهاء اللاحقة في الوقف ، بعد الألف ، تسمى : هاء الاستراحة. وقد جاء في التنزيل ، كقوله تعالى : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ) (٢٨) (١)(وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ) (١٠) (٢).
[أقول] : والندبة ، إنما تكون في أشهر الأسماء. وهو ، كما قال. لأن الاسم إذا لم يشتهر ، لا يعرف أنّ نادبه من يندب.
وأما ندبة المضاف ، ففيه خلاف. أجازه قوم ، ومنعه قوم. وقالوا : إنه لا يجوز [١٢١ / ب] لأن النداء لا يعمل فيه البناء ، فلا يجوز أن يندب. والصحيح : جوازه. إذ الأمر يتعلق في ذا ، بشهرة الاسم. ولأن العرب ، قالت : وامن حفر بير زمزماه. وهو أبعد من المضاف ، والمضاف إليه. إذ هو واقع في صلة (من) فإذا استجازوا ذلك لشهرته ، فجواز : واعبد الملكاه ، أولى.
[قال أبو الفتح] : وتقول : واغلامياه.
قد ذكرنا أن هذا الفصل يجوز فيه أربعة أوجه :
[الأول] : تحريك الياء. فعلى هذا ، لا أشكال أن يقال : واغلامياه.
[الثاني] : إسكان الياء. فعلى هذا فيه وجهان : الأول : تحريك الياء ، لالتقاء الساكنين ، فيقال : واغلامياه. والآخر : حذف الياء ، لالتقاء الساكنين ، فيقال : واغلاماه.
[الثالث] : يا غلام. فعلى هذا تقول : واغلاماه ، فتلحق الألف ، وتفتح الميم ، لوقوع الألف بعدها.
__________________
(١) ٦٩ : سورة الحاقة ١٩ ، و ٢٨.
(٢) ١٠١ : سورة القارعة ١٠.