منه. وهذا أصل مرفوض.
باب حروف الجزم
أما حروف الجزم : فأربعة :
(لم) وهي نفي (فعل). تقول : لم يركب زيد. نفي لقولك : ركب زيد. وإنما يجزم الفعل ؛ لأنه يختص به ، ولا يدخل في الاسم. ويقبح الفصل بينه وبين الفعل. لو قلت ، في قولك : لم يضرب زيدا : لم زيدا يضرب ؛ قبح ، إلا في ضرورة الشعر.
وأما (لمّا) فهي من غرائب العربية ؛ وذلك ، لأنها في الأصل (لم) ضمت إليها (ما) فإذا دخلت على الفعل الماضي ؛ فهو اسم بمنزلة حين ، يستعمل ظرفا ، كقوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا)(١). ف (لمّا) هاهنا : نصب على الظرف. والعامل فيه ، جوابه الذي يقتضيه ، وهو قوله :
(قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ)(٢). فإذا دخلت على الفعل المستقبل ، فهي تجزمه ، كقولك : لمّا يركب. وهي نفي (قد فعل). تقول : قد ركب الأمير. فإذا نفيت ، قلت : لمّا يركب.
وقد يجيء (لمّا) بمعنى (إلا) في قوله ، عزّ وجل : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)(٣) ، فيمن شدد ، أي : (إلا) عليها حافظ. وقد يحذف الفعل مع (لمّا). تقول جئتك ولمّا ؛ أي : ولما تفعل ، أو ولما تقم.
وأما (ألمّا) فهي (لمّا) دخلت عليه همزة الاستفهام.
وأما : لام الأمر : فتجزم [١٢٥ / ب] الأمر ، وهي مكسورة ؛ ليفرق بينها ، وبين لام التأكيد ، نحو قوله : (لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ)(٤). وقد تسكن هذه اللام ، إذا اتصلت بالواو ، والفاء ، كقوله تعالى : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ)(٥) ؛ بإسكانها في (وليوفوا). فأما مع (ثم) فالأكثرون لا يسكنونها.
فإن (ثم) منفصلة عنها ، بخلاف الفاء ، في : (فَلْيَنْظُرْ)(٦) ، كأنها من أصل الكلمة.
وأما (لا) فهي حرف نهي. وتجزم الفعل المضارع. والفعل بعدها مجزوم ، وليس بموقوف ، خلافا للأمر ؛ لأن الأمر ، لا عامل للجزم فيه. والنهي (لا) فيه عاملة.
باب الشرط وجوابه
وحرفه المستولي عليه (إن) .. إلى آخره.
إنما كان الحرف المستولي عليه (إن) لأنّ (إن) فصل بينه ، وبين فعله بالاسم. وقد جاء ذلك في التنزيل : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ)(٧). وقال : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً)(٨). ولم يجئ ذلك في غير (إن) إلا في ضرورة الشعر. [قال الشاعر] :
__________________
(١) ٧ : سورة الأعراف ١٤٣.
(٢) ٧ : سورة الأعراف ١٤٣.
(٣) ٨٦ : سورة الطارق ٤.
(٤) ١٦ : سورة النحل ١٢٤.
(٥) ٢٢ : سورة الحج ٢٩.
(٦) ١٨ : سورة الكهف ١٩.
(٧) ٩ : سورة التوبة ٦.
(٨) ٤ : سورة النساء ١٢٨.