قلبت إحداهما همزة ، وأخّرت الألف التي كانت للتأنيث ، لأن علامة التأنيث ، لا تقع حشوا ، وقلبت همزة ، لالتقاء الساكنين.
وكل اسم وقعت في آخره ، واحدة من ألفي التأنيث ، فإنه لا ينصرف ، لا معرفة ، ولا نكرة.
وإنما لم ينصرف نكرة ؛ لأنه مؤنث ، وتأنيثه لازم. فكأن فيه سببين : فلزوم التأنيث نزّل منزلة سبب آخر.
وأما المؤنث بغير علامة ، فعلى ضربين ، أيضا : ثلاثي ، وما فوقها. فإن سميت المؤنث باسم مؤنث ثلاثي ساكن الأوسط ، فأنت مخير في صرفه ، معرفة ، وترك صرفه. تقول : رأيت هند ، وهندا ، وكلمت جمل ، وجملا. فمن لم يصرف ، قال : لاجتماع السببين فيه ، وهو : التعريف ، والتأنيث. ومن صرفه ، قال : إنما صرفته ، لأنه ساكن الأوسط. قال : وسكون أوسطه في غاية الخفة. فلما كان في غاية الخفة ، عورض السكون ، بسبب من السببين. قال : فلما عورض بسبب ، كان كأنّ ذلك السبب قد سقط ، فلم يبق إلا سبب واحد. والسبب الواحد لا يمنع الصرف.
وأما إذا كان متحرك الأوسط ، فبالإجماع من النحاة. والعرب لا تصرفه. قالوا : وإنما لا تصرف ؛ لأن الحركة التي في الأوسط ، نزّلت منزلة حرف. قال : فصار كأنه على أربعة أحرف.
وأجمعوا على أن الاسم المؤنث ، إذا كان معرفة ، على أربعة أحرف ، فإنه لا يصرف ، معرفة لثقله.
فكذلك ، أيضا ، هاهنا ، لا يصرف ، لأن الحركة ، أقيمت مقام الحرف. فكأنه كان على أربعة أحرف. قالوا : والدليل ، على أنّ الحركة تكون بمنزلة حرف ، إجماعنا على أن الاسم المؤنث ، إذا كان على أربعة أحرف ، ويكون ساكن الأوسط ، فإنه ، بالإجماع ، في باب النسبة : لا يحذف منه شيء. تقول في حبلى ، في باب النسبة : حبلويّ ، وفي سعدى : سعدويّ. ثم إنّ هذا الاسم ، لو كان متحرك الأوسط [١٣٧ / ب] ، فإنه يحذف آخره ، نحو قولك : جمزى ، وبشكى ، فتقول في النسبة : جمزيّ ، ولم تقل : جمزويّ ، لأن كون هذا الاسم ، متحرك الأوسط ، قد نزّلت الحركة فيه ، وجعلت كأنها حرف واحد ، وكأنّ هذا الاسم ، بهذه الحركة ، على خمسة أحرف.
وأجمعوا على أنّ الاسم المؤنث إذا كان على خمسة أحرف ، فإنه ، في النسبة ، يحذف منه آخره ، فكذلك ، ما هو على أربعة أحرف. وأقيمت الحركة فيه مقام حرف واحد. فالحركات تقام مقام الحروف ، والحروف تقام مقام الحركات ، أيضا. والدليل ، على أن الحروف تقام مقام الحركات ، باب الجزم. وذلك ، لأنك تقول : هو يغزو ، ويرمي ، ويخشى. ثم إذا أدخلته حرف الجزم ؛ فإنك تحذف الحرف الأخير. والجزم لا يحذف الحروف ؛ وإنما تأثيره في إسقاط الحركات.
فلما أسقط الحروف ، هاهنا ، علمنا بهذا ، أنّ الحروف تقام مقام الحركات ، والحركات تقام مقام الحروف.
فإن تجاوز المؤنث ثلاثة أحرف ، لم تنصرف ، معرفة ، وتنصرف ، نكرة ، مذكرا سميت به ، أو مؤنثا. لأن الحرف الزائد فيه على الثلاثة ، ضارع تاء التأنيث. وذلك : ك (سعاد) و (زينب). فإن سميت مذكرا بمؤنث ثلاثي صرفته ، ساكن الأوسط ، كان أو متحركا. نحو رجل سميته (هندا)