وقول سيبويه (١) ، في هذا : وأما أخول ، أخول ، فلا يخلو من أن يكون ك (كفة كفة) أو ك (صباح مساء). ولم يزد على هذا [وبهذه](٢) التقسيمات الحسنة يقسم المقسم شيئا ، فيعلم بالدليل ، بطلان أحدهما ، وصحة الآخر. وقد علم أنه ليس كصباح مساء ، فيتبين أنه ك (كفة كفة). [قال الشاعر] :
٣٢٦ ـ نحمي حقيقتنا ، وبع |
|
ض القوم يسقط بين بينا (٣) |
أي : ضعيفا غير معتد به. كما أن الهمزة إذا كانت بين بين ، كانت ضعيفة. والضعيف متردد بين الضعف ، وبين القوة ، ويغلب عليه الضعف.
[والثالث] : وهو أن تضم صوتا عجميا إلى اسم عربي ، أو عجمي ، فتبنيه ، فتقول : هذا سيبويه ، ونفطويه. ف (ويه) صوت ، والأصوات : كلها مبنية ؛ لأنها ليست بمتمكنة ، نحو (حوب) لزجر الأبل ، و (صه) و (مه) و (هج هج) و (جه جه).
فالأول استحقّ منع الصرف [١٤١ / أ] ، لاجتماع التعريف ، والعجمة فيه. ثم إنّ هذا ركّب على وجه يخالف سائر التركيبات ، بأن أضيف إليه صوت مبني عجمي ، فكأنه وجد تركيب آخر ، فاستحق البناء.
قال أبو علي : وكأنّ هذا يشير إلى أن الأول : التمكن ، ثم منع الصرف ، ثم البناء على الترتيب. ولمعنى آخر ، وهو أن (ويه) عجمي مبني ، وسبب مضاف إليه ، والمضاف قد يكتسي من المضاف إليه ، أحكاما ، فهاهنا ، اكتسى منه البناء على قوله فبني (سيبويه) و (عمرويه) لهذا المعنى.
باب العدد
اعلم أن الواحد في باب العدد ، إنما هو الأصل ، وغيره فرع عليه. وهو في الكلام يستعمل على ضربين :
أحدهما : أن يستعمل اسما.
والثاني : أن يستعمل صفة.
فأما إذا استعمل اسما ، فإنه لا يتغير : لا يؤنث ، ولا يذكر ، ولا يثنى ، فلا تقول في (رجل) : واحدة ؛ كما تقول ؛ في (ثلاثة رجال) : ثلاثة. فأما إذا كان صفة ، فإنه يؤنث ، ويجمع. أما التأنيث ، فقوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ)(٤). وأما الجمع [فقول الشاعر] :
__________________
(١) نقل الشارح كلام سيبويه بالمعنى ، ونصه : (وأما أخول أخول ، فلا يخلو من أن يكون كشغر بغر ، وكيوم يوم). ينظر : الكتاب ٣ : ٣٠٧.
(٢) الأصل غير واضح.
(٣) البيت من مجزوء الكامل ، لعبيد بن الأبرص ، في : ديوانه ١٣٦ ، وابن يعيش ٤ : ١١٧ ، واللسان (بين) ١٣ : ٦٦.
وبلا نسبة في : شرح شذور الذهب ٧٤ ، وشفاء العليل ١ : ٤٨١ ، وهمع الهوامع ٣ : ٢٠٤.
(٤) ٧ : سورة الأعراف ١٨٩.