ولا يجوز تقديم الصلة ، ولا شيء منها على الموصول. فلا تقول : قام أبوه الذي. لأنه ، لا يجوز تقديم بعض الصلة على الموصول ؛ لأن الصلة مع الموصول ، بمنزلة اسم واحد. وكما لا يجوز تقديم بعض اسم ، على بعض ؛ فكذلك ، أيضا ، لا يجوز تقديم الصلة ، أو بعض منها على الموصول.
ولا يجوز الفصل بين الصلة ، والموصول ، بالأجنبي. فلا تقول : الذي زيد قام أبوه ؛ لأنهما بمنزلة اسم واحد ، ولا يجوز الفصل بين حروف اسم واحد بالأجنبي. ولا تعمل الصلة في الموصول ، ولا في شيء قبله ؛ لأن بعض الاسم ، لا يعمل في بعض ، على ما ذكر في اللمع. فتقول : جاءني من غلامه زيد. (فمن) رفع ؛ لأنه فاعل. غلامه : رفع بالابتداء. زيد : رفع ، خبر الابتداء.
والمبتدأ ، والخبر : صلة (لمن) وهو فاعل قوله : جاءني. وكذلك : رأيت ما رأيته ، على هذا النسق.
واعلم أن الألف ، واللام ، في قوله : نظرت إلى القائم أخوه عندنا : اسم. والدليل على أنه اسم ، أنه يعود الضمير إليه. ولو كان حرفا ، لما عاد الضمير إليه. لأن الضمير لا يعود إلى الحرف.
والدليل على هذا قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ)(١). فقوله (هم) ضمير يعود إلى الألف واللام.
والدليل عليه ، قوله تعالى : (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ)(٢) فعطف على قوله : (للذين). ولو لا أن الألف ، واللام كانا كاسم واحد ؛ وإلا لما عطف على : الذين. لأن الحرف لا يعطف على الاسم. و (قلوبهم) ضمير يعود إلى الألف ، واللام. وعند أبي الحسن الأخفش : الألف ، واللام : حرف واقع موقع الاسم ؛ لأنه بمعنى (الذي) فلهذا جاز أن يعود [١٥٣ / ب] الضمير إليه.
واعلم أن صلة الألف ، واللام ، لا تكون جملة من مبتدأ ، وخبر. وإنما تكون بالفاعل. فلا تقول : الزيد القائم. ويفارق (الذي) لأن (الذي) يوصل بالجملة ، من المبتدأ ، والخبر. وبالجملة من الفعل ، والفاعل ؛ لأنها ، إنما أتي بها للوصلة ، إلى وصف المعارف بالجملة. والجملة قد تكون اسمية ، وفعلية ؛ بخلاف الألف ، واللام. لأنك تقول : الذي قام أخوه زيد. فإذا ذكرت بالألف ، واللام ؛ تقول : القائم أخوه زيد ، فدخل اللام على اسم الفاعل. ونقل الفعل إلى اسم الفاعل. والألف ، واللام ، هاهنا ، تعرّف الجملة. والألف ، واللام بمعنى (الذي).
والدليل ، على أن الألف ، واللام ، اسم ، وإن كان في صورة الحرف ، وليست خلفا عن (الذي) قول القائل : مررت بالرجل القائم أبوه ، لا القاعدي ، أجازوا هذه المسألة : بالألف ، واللام ، ولم يجيزوها : (بالذي). فلم يقولوا : مررت بالرجل القائم أبواه ، لا الذي قعد ، ولا الذي قعدا. أما امتناع قولهم : لا الذي قعد ، لو أجيز ؛ فإنه ، لأجل أن الأبوين تثنية ، فلا يسند إليه الصفة ، مفردة ؛ لأن فعل المفرد ، لا يصح بعد المثنّى. ولا يجوز : لا الذي قعدا ؛ لأنه صفة الرجل ، وهو مفرد.
فلما امتنع (بالذي) وجاز بالألف ، واللام ؛ علم أنه ليس بخلف عنه. وجاز مع اللام ؛ لأن
__________________
(١) ٣٩ : سورة الزمر ٢٢.
(٢) ٢٢ : سورة الحج ٥٣.