أن ألف التكسير تغير نظم الواحد ، كما أن ياء التصغير تغير نظم المكبر فألحق التصغير بالتكبير.
واعلم أن هذه الياء التي للتصغير إذا وقعت بعدها واو متحركة فإن تلك الواو تقلب ياءا ثم تدغم الياء في الياء وهو قولك : أسود وذلك لأن تصغيره : أسيود. إلا أنهم قلبوا الواو ياءا. ثم تدغم الياء في الياء وقالوا : أسيّد وإذا كانت الواو قبل الياء فإنك تبقيها بحالها وهو قولك : جوزة وبيضة وذلك لأن تصغيره : جويزة ولا تقلب الواو ياءا لأجل الإدغام وذلك لأن من شرط الإدغام أن يكون الأول ساكنا والثاني متحركا. (١٦٣ / ب) وهاهنا الأول متحرك والثاني ساكن فلم يجز الإدغام بخلاف : أسيود على ما سبق.
ومنهم من يقول : أسيود فحمل التصغير على التكسير لأن في جمع التكسير يقال : أساود ، فصححوا الواو ، ولم يعلّوها. فكذلك في التصغير وجب أن يصحح.
فإن كان في الاسم تاء التأنيث فإنه يفتح ما قبل التاء في التصغير تقول في تصغير طلحة : طليحة ، بفتح الحاء. وإنما فعلت كذلك وذلك لأن التاء بمنزلة اسم مضموم إلى الأول ، ثان. ثم في الاسم المضموم إلى ما قبله يفتح ما قبله ، فكذلك أيضا هاهنا. وبيان ذلك وهو : بعلبكّ ، وذلك أن تصغيره : بعيلبكّ فتفتح اللام ، فكذلك أيضا هاهنا.
وكذلك ما فيه الألف والنون الزائدتان إذا لم تكسّر الكلمة عليهما. فتقول في سكران : سكيران لأنك لا تقول : سكارين كما تقول في سرحان : سراحين وإنما تقول : سكارى وذلك لأن هذه الألف والنون بمنزلة الألف في : حمراء وفي حمراء يقال : حميراء فكذلك ما يكون في مقابلته وجب أن يصغر كما يصغر المشبه به فإن كانت الياء منقلبة عن واو ، رددتها في التصغير إلى أصلها وذلك لأنك في التصغير ترد الأشياء إلى أصولها تقول في ريح : رويحة وذلك لأن أصله واو بدليل قولك : راح يروح وكذلك في ديمة : دويمة لأنه من : دام ، يدوم.
إلا أنهم قالوا في عيد : عييد (١) ، ولم يقولوا : عويد ولم يردوه إلى أصله وإنما كان كذلك وذلك لأن للعرب طريقين في التصغير : أحدهما : الإقرار والثاني : الرد إلى الأصل. ف (عيد) أصله : عود بالواو ، إلا أنهم قلبوا الواو ياءا لأجل الكسرة الموجبة لقلب الواو ياءا ، إجراءا على الأصل. ويبين هذا بمسائل منها : أنهم قالوا في وعد : يعد وأصله : يوعد فحذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة. ثم أقروا هذا يعني الحذف في سائر أخواته ولم تكن الواو واقعة بين الياء ، والكسرة وهو قولك : تعد ، وأعد ونعد حملا على الأصل.
وكذلك قالوا في مستقبل : أكرمت (١٦٤ / أ) : أكرم وأصله : أأكرم إلا أنهم حذفوا إحدى الهمزتين لئلا يؤدي إلى الجمع بين همزتين ثم حذفوا الهمزة في سائر أخواته وأقروا الحذف. وقالوا في المخاطب : تكرم وللمخبر عن نفسه وعن الجماعة : نكرم مع أنه يمكن أن يقال : تؤكرم ونؤكرم ولا يؤدي إلى الجمع بين الهمزتين ، حملا على الأصل وجريا عليه.
__________________
(١) الكتاب ٣ : ٤٥٨ ، واللمع في العربية ٣٣٢.