وقالوا : دم ويد والأصل : دمي ويدي ، فحذفوا اللام وحركوا العين بحركة اللام ثم قالوا : دميان وبقوا الميم متحركة ولم يردوه إلى أصله في السكون جريا على الحركة العارضة ومحافظة عليه حتى لا يكون الردّ كلا ردّ. فإن كانت العين ألفا رددتّها إلى أصلها واوا كانت أو ياءا. فالتي من الواو قولك في مال : مويل لأنها من الواو بدليل قولك : أموال وتقول : تموّل الرجل وليس من الميلان على ما قالوا : من أن المال سمي (مالا) لميلان الطباع إليه إذ لو كان كذلك لكان من الواجب أن يقال : مييل. وفي حال : حويلة بدليل قولك : أحوال ، وحال يحول.
(فإن قلت) : لم قلت : حويلة بالتاء ، ولم تقل : حويل؟.
(الجواب) : لأن الحال مؤنث فكان من الواجب أن يقال : حالة إلا أنهم لما حذفوا في الأصل فبالتصغير ردوه إلى الأصل. والأصل في التأنيث أن تكون فيه العلامة ، فردوه إلى أصله وألحقوا التاء به لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها.
وفيما يكون من الياء يقول في ناب : نييب (١) ، وفي عاب : عييب لأنه من الياء بدليل قولك : أنياب وأعياب ويجوز أن تقول في شيخ وعيب : شييخ وعييب بكسر الشين من شيخ والعين من عيب (٢). لمجاورة الياء على ما ذكر إلى قوله : عجوز (٣) ، تقول : عجيز كما فعلوه في : أسود فقالوا :
أسيود ثم قلبوا الواو ياءا وأدغموا الياء في الياء فقالوا : أسيّد ولمعنى آخر وهو أن الواو في المكبر ، وقعت ساكنة. فلو حركناه في المصغر ، لأدى ذلك إلى انتقاض باب التصغير ، لأن التصغير ، إنما بني على الحذف ، ولو حركناه في المصغر لأدى (١٦٤ / ب) ذلك إلى زيادة شيء عليه. وذلك لأن الأصل في الحروف السكون والحركة زائدة عليها ، لأن الحركة بمنزلة حرف آخر. فإن كانت الواو لاما قلبتها لضعفها ياءا البتة. تقول في تحقير عروة : عريّة ، وفي شكوة : شكيّة. وإنما تنشّأ ضعفها من وقوعها طرفا ، فإن حقرت بنات الخمسة (٤) ، حذفت الحرف الأخير ، لتناهي مثال التحقير دونه. تحذفه أي تحذف الحرف الأخير لوقوعه طرفا ، ومايلي الطرف حكمه حكم الطرف فتحذف كما تحذف ما هو في الطرف ، تحذفه اعتبارا بحاله في جمع التكسير ، فتفعل به ما تفعل في جمع التكسير. تقول : في تصغير سفرجل : سفيرج وإن شئت : سفيرل على ما قاله إلى قوله : حبارى تحمله في التصغير على جمع التكسير. فأما : حبارى ففيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون : حبيّر فتحذف الألف الأخيرة وتقلب الأولى ياءا. وإن شئت قلت حبيرى فتبقي الأخيرة بحالها وتحذف الأولى وإن شئت قلت : حبيرة فتحذف الأخيرة وتبدل منها هاءا وتحذف الأولى.
فإن كان الاسم المحقر ثلاثيا مؤنثا ، ألحقت في تحقيره الهاء فتقول في (شمس) شميسة وفي (قدر) قديرة وفي (دار) دويرة (٥). وكان الأصل في هذه الأسماء أن يكون فيها التاء لأنها مؤنثة فلم
__________________
(١) الكتاب ٣ : ٤٢٦ ، وفيه : (منهم من يقول في (تاب) تويب وهو غلط).
(٢) الكتاب ٣ : ٤٨١ ، واللمع في العربية ٣٣٤ ، ٣٣٥.
(٣) الكتاب ٣ : ٤٧٠.
(٤) الكتاب ٣ : ٤٤٨ ، واللمع في العربية ٣٣٦.
(٥) اللمع في العربية ٣٤٢.