وقد شذت أشياء من هذا الباب لا يقاس عليها. قالوا في عشيّة (١) : عشيشية. وفي مغرب : مغيربان. وفي إنسان : أنيسيان وفي الأصيل أصيلان. وأبدلوا من النون لاما ، فقالوا : أصيلال.
اعلم أن الجمع لا يصغر لأن الجمع والتصغير ، ضدان لأن أحدهما للتكثير والآخر للتقليل فهما لا يجتمعان. فأصيل : جمعه أصل. وأصلان : جمع أصل فقال قائلون : إن أصلانا : ليس بجمع أصل بل هو اسم صيغ للجمع فدخل التصغير (١٦٥ / ب) قياسا على : نفر ورهط وذلك لأنهما اسمان صيغا للجمع فأدخلوا عليهما التصغير فقالوا : نفير ورهيط.
قلنا : هذا باطل وذلك لأن (فعلانا) يأتي جمعا ل (فعل) ومنهم من قال : إنه اسم معرفة صيغ لهذا الوقت بعينه قلنا : هذا محال وذلك لأنه لو كان كذلك لكان من الواجب أن لا ينصرف ، لاجتماع السببين فيه : التعريف ، وزيادة الألف ، والنون فإذن الوجه أن يقال : إن هذا شذ عن القياس والقياس يقتضي أن لا يصغر ولكن هو شاذ عن القياس ، كما ذكر سيبويه (٢).
باب ألفات القطع وألفات الوصل
الألفات على ضربين على ما ذكر فقوله : همزة القطع ما تقطع اللفظ بها ما قبلها عما بعدها.
وذلك قولك : إبل وفي الفعل : أكرم. فإنك تقول : هذه إبل فلان فتقطع اللفظ بها ولا تسقطها كما تقول في ألف الوصل وذلك أنك تقول : يا زيد اضرب عمرا فإنك تصل ما قبلها بما بعدها وتحذفها استغناءا عنها.
واعلم أن كل همزة وقعت في أول كلمة فهي همزة قطع إلا ما أستثنيه لك وذلك نحو قولك : أخذ وأخذ وأكرم ، وأكرم. فإن هذه كلها ألفات القطع.
وأما همزة الوصل ، فإنك تدخل في الكلم الثلاث : الاسم والفعل والحرف فدخولها في الأسماء في موضعين : اسم غير مصدر واسم مصدر. فأما التي من غير المصادر فعشرة وهي : ابن ، وابنة ، وامرؤ ، وامرأة ، واثنان ، واثنتان واسم واست وابنم وايمن. فالعشرة التي ذكرها تنصرف إلى قوله : إلا ما أستثنيه لك لأن الهمزة في هذه الأسماء كلها وقعت أولا. ثم هذه كلها همزة الوصل فهذا هو المستثنى.
اعلم أن قوله : ابن أصله : بنو لأن جمعه : بنون فهذا يدل على أن أصله : بنو لكن حذفوا الواو للاستثقال. فلما حذفوا الواو سكنوا الباء فلما سكّنوها أدخلوا عليها همزة الوصل ليتوصل بها إلى النطق بالساكن لأنه لا يمكن النطق بما (١٦٦ / أ) هو ساكن وجمعه : بنون وأصله : بنوون. ولكنهم حذفوا الواو التي هي للجمع وعلامة له.
واسم أصله : سمو فحذفوا الواو. فلما حذفوه بقي الاسم على حرفين فأسكنوا السين ثم أتوا بألف الوصل ليتوصل بها إلى النطق بالساكن فقالوا : اسم.
(فإن قلت) : يجوز أن يقال : إن أصله : سمو لأن جمعه يأتي على (أفعال) وهو : أسماء ، وأفعال : جمع : فعل ، كجبل ، وأجبال ، وأسد ، وآساد. فكذلك أيضا لما أتى جمعه على (أفعال) استدللنا بهذا على أن أصله : سمو.
__________________
(١) الكتاب ١ : ٤٨٤.
(٢) الكتاب ٣ : ٤٨٤.