[الثالث] : وهو (ما) الصلة الزائدة. وهو قوله : (فَبِما رَحْمَةٍ)(١). وإنما سميت صلة ؛ لأن الكلام يوصل بها.
[الرابع] : وهو (ما) التي للنفي. ترفع الاسم ، وتنصب الخبر : فتقول : ما زيد قائما. لأنها حرف بمنزلة : هل ، وبل. [واعلم](٢) أن من : إنما تكون للعقلاء ، ولا تكون لغير العقلاء. وما : إنما يكون لغير العقلاء.
[فإن قلت] : قال الله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) (٥) (٣) ، أقسم الله سبحانه وتعالى بذاته ، ب (ما) وهو تعالى عالم. فعلم بهذا أن (ما) يستعمل في العقلاء.
[الجواب] : قلنا : ليس كذلك ، وذلك لأن (ما) هناك ، المصدرية. فالتقدير : والسماء وبنائها.
[فإن قلت] : فقد قال الله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ)(٤) ، ومعلوم أن النّسوان من جملة العقلاء.
[الجواب] : قلنا ليس كذلك ، وذلك لأن (ما) هناك ، صفة للعقلاء. و (ما) يكون صفة للعقلاء. فالتقدير : فانكحوا المحلّلة من النساء.
وأما (أيّ) فقد تقدم شرحه في باب الموصول (٥).
والظروف : متى ، وأين ، وكيف ، وأنّى ، وأيّان ، وأيّ حين.
اعلم أن (متى) ظرف زمان. ويكون [١٦٨ / أ] خبرا عن الحدث ، ولا يكون خبرا عن الجثة.
تقول : متى انطلاقك؟. ولا يجوز : متى زيد؟. فإن قلت : متى زيد قائم ، وعلقت (متى) بقائم ؛ جاز. ولو قلت : متى زيد قائما ؛ لم يجز أن تنصب : قائما ، على الحال ؛ بخلاف (أين) لأن (متى) زمان ، فلا يكون زيد مبتدأ ، و (متى) خبره. كما يكون (أين) خبر زيد. وقولهم : متى أنت وبلادك ؛ إنما جاز لأن المعنى : متى عهدك ببلادك؟. فعهدك : حدث محذوف. فلما حذف المضاف انفصل المتصل ، فصار (الكاف) (أنت) كقوله تعالى : (فَنِعِمَّا هِيَ)(٦) ؛ أي فنعما إبداؤها. فحذف الإبداء ، فانفصل فصار (ها) (هي). فكذا. هاهنا. وقوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ)(٧) ، فتقديره : متى البعث؟. ف (هو) كناية عن البعث.
و (أين) ظرف ، سؤال عن المكان. و (كيف) ظرف. سؤال عن الحال.
[فإن قلت] : فكيف : اسم. ولا تعلّق له بالزمان ، فكيف يقع عليه اسم الظرفية؟.
[الجواب] : نعم. ولكن معناه يدل على الظرفية. لأن معنى (كيف) : على أي حال ، وأيّ حال : ظرف زمان.
و (أيّ حين) حين : ظرف. وأيّ : اسم ، ولكن ، لما أضيف إلى الظرف ، اكتسى منه الظرفية.
__________________
(١) سورة آل عمران ١٥٩.
(٢) الأصل غير واضح.
(٣) ٩١ : سورة الشمس ٥.
(٤) ٤ : سورة النساء ٣.
(٥) ص ٣٦٩.
(٦) ٢ : سورة البقرة ٢٧١.
(٧) ١٧ : سورة الإسراء ٥١.