و (أيان) بمعنى (متى) و (أنّى) بمعنى (متى) وقد يكون بمعنى (كيف).
والحروف : الهمزة. وأم ، وهل.
اعلم أن أم الباب ، في الاستفهام ، إنما هو : الهمزة. وذلك لأنه بالهمزة يستفهم عن المعلوم ، وغير المعلوم. يستفهم بها عن المعلوم ، على سبيل التقدير ، كما قال :
أطربا ، وأنت قنّسريّ .... (١)
وقد تحقق عنده أنه قنسري ، ثم استفهم عن طربه ، مع أنه قد تحقق عنده أنه قنسري. ولكن هذا الاستفهام ، إنما كان على سبيل التقدير. وكذلك ، أيضا ، قال الله تعالى : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (١) (٢). وقد علم رسول الله ، عليه الصلاة والسّلام ، شرح صدره ؛ ولكنه ، إنما استفهم عنه تقريرا لهذا ؛ فعلم أن أم الباب في الاستفهام ، إنما هو الهمزة ؛ لأنها يستفهم بها عن المعلوم ، على سبيل التقرير ، وعن المشكوك فيه على سبيل التوبيخ ؛ بخلاف (هل) و (أم) وذلك لأنه يستفهم بها عن المعلوم ؛ إذ لا فائدة فيه. [١٦٨ / ب] ؛ ألا ترى أنك لو قلت : هل ضربت؟ فاستفهمت عن ضربه ، وعلمت أن الضرب منه ، فإنه لا يكون لهذا فائدة. وأما قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها)(٣) ، ف (سأل) متعد إلى مفعولين. وهاهنا ، المفعول الأول ، في قوله (يسألونك) الكاف الذي للخطاب. والمفعول الثاني : الجار والمجرور ، وقد استوفى مفعوليه. فأيان مرساها ، محلّه ماذا؟
[الجواب] : قلنا : أيان مرساها : بدل عن قوله : (عن السّاعة) فمحلّه : نصب ، لأنه بدل عن المفعول الثاني. ويجوز أن يكون تفسيرا للساعة. فيكون تقديره : يسألونك عن الساعة ، ويقولون : أيان مرساها.
وأما (الهمزة) و (أم) فقد تقدم ذكرهما في باب العطف (٤).
فأما (هل) فكقولك : هل قام زيد؟ وهل يقوم زيد؟ إذا كان للاستفهام ، فجوابه في هذا الموضع (نعم) أو (لا) وقد يكون (هل) بمعنى (قد) كقوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)(٥) ؛ أي : قد أتى. و (هل) يكون مع ما بعدها بمنزلة الأمر ، كما قال الله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)(٦) ؛ أي انتهوا.
واعلم أن (من) و (ما) و (أيا) في الاستفهام نكرات غير موصولات. وإذا لم تكن موصولات
__________________
(١) من الرجز ، للعجاج ، وبعده :
والدهر بالإنسان دوّاريّ
في : ديوانه ٣١٠ ، والكتاب ١ : ٣٣٨ ، والتحصيل ٢١١ ، والخزانة ١١ : ٢٧٤ ، ٢٧٥.
وبلا نسبة في : المقتضب ٣ : ٢٢٨ ، وشفاء العليل ١ : ٤٥٦.
(٢) ٩٤ : سورة الشرح ١.
(٣) ٧ : سورة الأعراف ١٨٧.
(٤) ص ٢٥٥.
(٥) ٧٦ : سورة الإنسان ١.
(٦) ٥ : سورة المائدة ٩١.