فإنها تصير نكرات ؛ لأن تعريف الموصول إنما يكون بالصلة. وإذا لم يكن موصولا لم يكن معه معرّفا.
وقوله : إعراب الجواب ، على حسب إعراب السؤال ، نذكره في موضعه ، في باب الحكاية (١).
باب ما يدخل على الكلام فلا يغيره
وهو كل ما دخل على الاسم ، والفعل جميعا. وذلك نحو : إنما وكأنما ولكنما وليتما ولعلما.
اعلم أن هذه الحروف ، قبل إدخال (ما) عليها ، خصّ عملها بالأسماء ، فنصبت الأسماء ، ورفعت الأخبار. وبعد إدخال (ما) عليها ، صارت مكفوفة عن العمل. لأن (ما) الكافة ، كفتها عن عملها ، حتى إنها لم تعمل في شيء. فكان دخولها في الأسماء ، كدخولها في الأفعال. وإنما احتاجوا إلى إدخال (ما) الكافة ، على هذه الحروف ؛ وذلك : أنّ (إنّ) للتوكيد ، وكذلك أخواتها ، لكل واحد منها معنى بعينه.
فالعرب احتاجوا إلى التوكيد في الأفعال ، كما احتاجوا إلى التوكيد في الأسماء. فلم يمكنهم [١٦٩ / أ] إدخال (إنّ) في الأفعال ، فأدخلوا عليها (ما) الكافة. حتى كفت (إنّ) وأخواتها عن العمل ، وصارت مشتركة بين الأسماء ، والأفعال ، والحروف.
واعلم أن (ما) الكافة ، تدخل الأسماء ، فتكفها عن العمل. وتدخل الأفعال ، أيضا ، فتكفها عن عملها. وتدخل الحروف كذلك.
أما دخولها الأسماء ، فنحو قولك : بعد ما خرج زيد ، وبعد ما زيد خارج. وقبلما ضرب زيد ، وقبلما زيد ضارب. ف (بعد) الذي هو الاسم ، كان جارا ، وكان يجر ما بعده ؛ فيقال : بعد خروج زيد. ثم لما دخل (ما) عليها كفه عن الجر ، وكان ما بعده جملة مركبة من مبتدأ ، وخبر ، وفعل ، وفاعل. فالمبتدأ ، والخبر [قول الشاعر] :
٣٥٦ ـ أعلاقة ، أمّ الوليّد ، بعد ما |
|
أفنان رأسك كالثّغام المخلس (٢) |
وأما دخولها الأفعال ، فنحو قولك : قلما يقوم زيد ، وقلما يخرج زيد. ف (قلّ) فعل. وقوله : يقوم : فعل. والفعل لا يدخل على الفعل ، إلا أنه لما دخله (ما) كفته عن امتناع دخوله في الأفعال ، حتى [لما اتصلت](٣) : دخلت الأفعال ، فقيل : قلما يقوم زيد. ولو لا وجود (ما) لما جاز دخول (قل) على (يقوم).
وأما دخول الحروف ، فنحو دخولها في (إنّ) و (لعلّ) وغير ذلك. وهذه الأشياء التي تدخل على الكلام ، فلا تغيره ، كثير. منها ما ذكرناه في (لعل) ومنها (إذ) و (إذا) و (هل) وهمزة
__________________
(١) ص ٤٠٩.
(٢) البيت من الكامل ، للمرار الأسدي ، أو الفقعسي ، في : الكتاب ١ : ١١٦ ، ١٦٨ ، : ١٣٩ ؛ وللمرار الفقعسي في : التحصيل ١١٤ ، ٢٨٣ ، والخزانة ١٠ : ٢٣٠ ، ٢٥١ ، ١١ : ٢٣٢ ، ٢٣٤.
وبلا نسبة في : المقتضب ٢ : ٥٤ ، وابن يعيش ١ : ١٣١ ، وشفاء العليل ١ : ٢٤٦ ، وهمع الهوامع ٣ : ١٩٤.
(٣) الأصل غير واضح.