الاستفهام ، وجميع الظروف المستفهم بها ، إذا كانت ملغاة غير مستقرات ، نحو قولك : إنما قام زيد. ف (قام) فعل ماض. وزيد : رفع بفعله ، وفعله : قام. وإنما زيد أخوك. فزيد : رفع بالابتداء.
وأخوك : رفع خبر المبتدأ. وإنما (ما) ملغاة في جميع المواضع.
وأما إذا كانت مستقرة ، غير ملغاة ؛ فإن الكلام يتغير بدخولها عليه. وهو نحو قولك : أين زيد قائما. وذلك لأن (أين) مستقرّ ، هاهنا ، لأن (زيد) رفع بالابتداء. و (أين) الذي قد تقدم ، الذي هو الاستفهام : خبره. وإذا كان كذلك ، فإنه يختلف ، ويتغير ، فينصب (قائم) الذي بعده على الحال. والعامل فيه ، إنما هو الظرف. والتقدير : أين استقرّ زيد قائما. وكذلك ، أيضا ، في سائر [١٦٩ / ب] أخواتها ، إذا كانت ملغاة ، فإنه لا يتغير الكلام بعدها. تقول : إنما زيد أخوك ، ولكنما جعفر منطلق ، وكأنما أخوك الأسد ، ولعلما أنت حاكم. فهذه كلها إذا كانت ملغاة ، فإن الكلام ، بعدها ، لا يتغير.
وأما (ليتما) خاصة ؛ فإن جعلت (ما) فيها كافة ، بطل عملها. وإن جعلتها زائدة للتوكيد ، لم يتغير نصبها. وإنما كان (ليتما) كذلك ، لأنه استعمل كذا ما كافة وإن شئت قلت : ليتما أخاك قائم. وينشد بيت النابغة ، على الوجهين : بالرفع والنصب :
٣٥٧ ـ قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا |
|
إلى حمامتنا ، ونصفه فقد (١) |
وتقول : قمت إذ زيد جالس. وتقول أين زيد قائم ، وقائما ، على ما تقدم إذا كان مستقرا ؛ نصبت قائما ، وجالسا ، على الحال. وإذا قلت : متى زيد قائم رفعت (قائما) البتة. لأن (متى) ظرف زمان. وظروف الزمان ، لا تكون أخبارا عن الجثث. ولكن لو قلت : متى انطلاقك سريع ، وسريعا ؛ لجاز ، لأن الانطلاق حدث. وظروف الزمان تكون أخبارا عن الأحداث. قال أبو الفتح : إذا قلت : سريع ، ف (متى) يكون حالا للإنطلاق. ولو قلت : متى زيد جالس ؛ لم يكن (متى) حالا ؛ لأن ظروف الزمان كما لا تكون أخبارا عن الجثث ، لا تكون أحوالا لهم.
باب الحكاية
إذا استفهمت ب (من) عن الأعلام ، والكنى ، فإن شئت رفعت على الظاهر ، في جميع الأحوال ، وإن شئت حكيت الإعراب. إذا قلت : رأيت زيدا ، قلت : من زيد؟ وإن شئت : من زيدا؟ وتقول : مررت بزيد ، قلت : من زيد؟ وإن شئت : من زيد؟ اعلم أن هذا إنما يختص بأسماء الأعلام ، والكنى وهو للمطابقة بين الجواب ، والسؤال ، وإجراء الجواب ، على وفق السؤال. وهو إذا قال : رأيت زيدا ، قلت : من زيدا؟ فهذه خصيصة الأعلام ، والكنى وإنما اختصت بهذا الأعلام ، والكنى ؛ لأن للأعلام والكنى حرمة ، فيما بين [١٧٠ / أ] العرب ؛ لأنها أكثر ما يستعمل في كلامهم. ولكثرة ما يستعمل في كلامهم ، ولحرمتهم إياها ، اختصت بهذه الخصيصة ، وهو أن يجرى الجواب فيها على وفق السؤال ، حتى إنه لو كان
__________________
(١) البيت من البسيط ، في : ديوانه ١٦ ، والكتاب ٢ : ١٣٧ ، والتحصيل ٢٨٢ ، وشرح شذور الذهب ٢٨٠.
وبلا نسبة في : ابن يعيش ٨ : ٥٨ ، شفاء العليل ١ : ٢٠١.