وقال ذو الرمة :
وكم عرّست بعد السّرى من معرّس |
|
به من عزيف الجنّ أصوات سامر |
فجاء سامر بمعنى الجمع فإذا ثبت ذلك فقد بطل قول جامع العلوم : ((ولو كان (ثِيابُ سُندُسٍ) مبتدأ ، و (عالِيَهُمْ) خبره ، لم يجز ؛ لأن (عالِيَهُمْ) مفرد فلا يكون خبرا للجمع)).
٤ ـ إن (عالِيَهُمْ) بالإسكان لا يقع وصفا ل (وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) لأن (الولدان المخلدين) هم من جملة ما أخدم الله به المؤمنين ، فهم من نعم الله على المؤمنين ، فبقي أن يكون ظرفا بمعنى (فوق) والهاء فيه تعود على المؤمنين المذكورين في الآيات قبل.
٥ ـ وعند ما يكون (عاليهم) بالإسكان ظرفا ، فيكون ، إعرابه عند ذاك خبرا مقدما ، و (ثِيابُ سُندُسٍ) مبتدأ مؤخرا.
والتقدير : ويطوف عليهم ولدان مخلدون فوقهم ثياب سندس.
٦ ـ أوّل جامع العلوم (عالِيَهُمْ) بالإسكان ب (يعلوهم) (١) فبقي على سهوه في إرادة الصفة ، و (يعلوهم) عندي يبقى حالا ، صاحبه الأبرار المثابون الذين سبق مدحهم والثناء عليهم هذه الآية ، واستمر بعدها ، دون الولدان المخلدين.
المبحث الخامس
موقف جامع العلوم من النحوييّن السابقين
أـ مع النحويين البصريين
١ ـ مع الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت ١٧٠ ه):
جامع العلوم يجل الخليل أيما إجلال ، إذ لم ينل منه في المسائل التي ذهب فيها مع غيره.
وقد ورد ذكر الخليل في شرح اللمع خمس عشرة مرة ، ورأيت ذلك في كل أمر يقول به الخليل وسيبويه ، ويقول غيرهما بخلافه ، أو في كل مسألة يختلفان فيها ، أو يورد رأي الخليل وكفى.
ومن أمثلة ذلك : ما جاء من إثبات الياء في الاسم المنقوص المنادى ، نحو يا قاضي ، فسيبويه والخليل يثبتان الياء فيه ، ويونس يحذفها منه فيقول : يا قاض.
قال جامع العلوم : ((فسيبويه والخليل يثبتان الياء ، وحكى سيبويه عن يونس أنه كان يحذف الياء. قال : لأن المنادى موضع حذف وتخفيف)) (٢).
ومنه أيضا : اختلف سيبويه والخليل في (الألف واللام) أيهما للتعريف؟ فقال سيبويه : اللام للتعريف ، وحدها ، والألف وصل ، وقال الخليل : الألف واللام جميعا للتعريف. وكان يقول (٣) : إن (أل) للتعريف ، كما أن (قد) للتوقع ، و (هل) للاستفهام.
وذهب جامع العلوم مذهب سيبويه ، وقال : اللام وحدها ، للتعريف دون الهمزة ، والدليل
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٤٠٩.
(٢) الكتاب ٤ : ١٨٤ ، والأصول ٢ : ٣٩٧.
(٣) أي : الخليل ، ينظر الكتاب ٣ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥.