فرده جامع العلوم ، فقال : وهذا لا يجوز عندنا (١) ؛ إذ نرويه
... |
|
وما كان نفسي بالفراق تطيب |
كذلك ذهب أبو عثمان المازني إلى أن (الرجل) في قولك : يا أيها الرجل يجوز فيه الرفع والنصب ، فقال في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)(٢) ، لو قرأ واحد : يا أيها الناس ، لجاز لأن (الناس) صفة منادى مفرد ، فجاز فيه الرفع والنصب قياسا على قولهم : يا زيد الظريف.
وقد رده جامع العلوم فقال : ((وهذا القياس لا يصح ؛ لأنه لو وقف في : يا زيد الظريف ، على قولهم : يا زيد ، ولم يذكر الظريف ، جاز ، ولو اقتصر على قولهم : يا أيها ، دون الرجل ، لم يجز ؛ لأنه لا يتم ولا يفيد ، فاتضح الفرق بينهما)) (٣).
ومما نقل جامع العلوم من سؤالات المازني أبا الحسن الأخفش ، قوله : إن أبا عثمان قال لأبي الحسن : ما قولك في قولهم : مررت بنسوة أربع ، هل تصرف (أربعا) أم لا؟. فقال : أصرفه ، فقال له : هو صفته ، وهو على وزن (أفعل) فقال : إنه وإن كان صفة الآن ، فأصله الاسم. فقال أبو عثمان : ف (آدم) وإن كان الآن اسما ، فأصله صفة ، فلم لم تعتبر الأصل هناك ، واعتبرته هنا؟ فسكت.
٦ ـ مع أبي إسحاق ، إبراهيم بن السري الزجاج (ت ٣١١ ه)
تردد ذكر أبي إسحاق الزجاج في شرح اللمع تسع عشرة مرة ، نقل جامع العلوم ، خلال ذلك أقواله وآراءه في شتى المسائل النحوية. وكان قد رده في أغلب ما نقل عنه ، فمن ذلك قول الزجاج في قولهم : ما صنعت وأباك : إن (أباك) منصوب بفعل مضمر ، على تقدير : ما صنعت ولابست أباك. فرده جامع العلوم بقوله" ((هذا قول فاسد ؛ لأن انتصاب الاسم إذا أمكن حمله على الظاهر ، لا يحمل على المضمر)) (٤). وإنما هو منصوب بالفعل الواقع قبله بتقوية الواو ، وبما فهم منه من معنى المصاحبة ، كما ذهب الزجاج إلى أن الضمير المنفصل المنصوب (إيا) اسم ظاهر ، وذهب الفراء إلى أن (إياك) بكمالها اسم.
وقال جامع العلوم : ((وقد كفانا الزجاج قول الفراء ، حيث قال : لم نر اسما تغير آخره ؛ لاختلاف المسمين ، ألا ترى أنه لا يقال : (إن (عصاك) بكمالها اسم. فكيف جاز هذا في (إياك).
والصحيح قول أبي الحسن (٥) : إن (إيا) اسم مضمر)) (٦).
وجوز أبو إسحاق أن يكون قوله تعالى : (ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ)(٧) على تقدير : أي شيء يستعجله؟
__________________
(١) أي : عنده وعند البصريين.
(٢) ٢ : سورة البقرة ٢١.
(٣) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٨٧ ، ٢٨٨.
(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ١٧٨.
(٥) مجمع البيان ١ : ٢٥.
(٦) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٧٢.
(٧) ١٠ : سورة يونس ٥٠.