٢ ـ مع يحيى بن زياد الفراء (ت ٢٠٧ ه):
نقل جامع العلوم عن الفراء رأيه في تسع عشرة مسألة ، ولم أجده وافقه أو سكت عنه ، إلا في مسألة واحدة ، هي ما ذهب إليه الفراء من قولهم : كلمته فاه إلى في ، إذ انتصب (فاه) ب (جاعل) مقدر ، والتقدير عند الفراء : كلمته جاعلا فاه إلى فيّ ، فهو منصوب بعامل تقديره (جاعل) (١).
واكتفى جامع العلوم بشأن هذه المسألة بأن قال : وعند الخليل وسيبويه : فاه : في موضع الحال ، وتقديره كلمته مشافها ... وهذا هو الصواب (٢).
وأما غير ذلك من المسائل فقد ردها جامع العلوم ، متتبعا كلام الفراء ناقضا له ومن أمثلة ذلك : قال الفراء : اللهم ، أصله : الله أمنا بخير من : أمه يؤمه ؛ إذا قصده فحذفوا الهمزة ، فصار : اللهم. قال : والدليل على بطلان قولهم : جواز : ياللهم في الشعر. ولو كانت الميم بدلا من (يا) لم يجتمعا ؛ لأنه لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض عنه (٣).
ورد جامع العلوم قول الفراء هذا فقال : (وهذا الذي ذكره باطل ؛ لأنا نقول اللهم أهلك الكافرين. ولو كان التقدير : الله أمنا بخير ؛ لوجب أن يقال : وأهلك الكافرين ، ولأنه يقال : اللهم ، اغفر لي ، ولا يقال : اللهم ، واغفر لي ...) (٤).
٣ ـ مع أحمد بن يحيى ثعلب (ت ٢٩١ ه)
على الرغم من كون ثعلب إمام الكوفيين في النحو واللغة في زمانه ، فإن جامع العلوم لم يحتفل به كثيرا ؛ إذ لم يذكره في شرحه الكبير سوى ثلاث مرات حكى في الأولى روايته عن العرب أنهم قالوا : خذ اللص قبل يأخذك ؛ أي : قبل أن يأخذك (٥) باضمار (أن).
والثانية تجويزه : إلا زيدا قام القوم (٦). والثالثة : أسقط جامع العلوم فيها اعتراض من اعترض على ثعلب في قوله : فاخترنا أفصحهن (٧) ؛ إذ لم يقل فصحاهن ، بدليل قوله تعالى : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ)(٨).
فافرد وذكر ؛ لأن الإفراد مع الإضافة أحسن من : التثنية والجمع والتأنيث (٩).
وبعد هذه الإلمامة بموقف جامع العلوم من عدد من النحويين الكوفيين أستطيع أن أقول :
١ ـ إن جامع العلوم كان قليل النقل أو الرواية عن الكوفيين.
٢ ـ اقتصر نقله ، في الغالب ، على المسائل الخلافية.
__________________
(١) شرح اللمع لجامع العلوم ١٩٢.
(٢) نفسه ١٩٢.
(٣) نفسه ٢٨٩.
(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٨٩ ، ومعاني القرآن للفراء ١ : ٣٠٣.
(٥) شرح اللمع لجامع العلوم ٦٤.
(٦) نفسه ٢٢٨.
(٧) نفسه ٢٢٨.
(٨) ٢ : سورة البقرة ٩٦.
(٩) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٢٨.