تقدير : رأيت بكرا ، لأن الألف ، واللام ، لا تلزمان الكلمة. فالراء ، في تقدير الحركة ، فلا يتصور فيه النقل إلى ما قبله. [قال الشاعر] :
٢٨ ـ ثمّ استمرّوا ، وقالوا : إنّ مشربكم |
|
من ماء شرقيّ سلمى : فيد أو ركك (١) |
أصله : ركّ ، ففك الإدغام ، وفتح الكاف ، لأجل الراء ، ضرورة ، واتساعا. وفي القصيدة :
٢٩ ـ كما استغاث بسيء فزّ غيطلة |
|
خاف العيون ، فلم ينظر به الحشك (٢) |
فتح الشين ، لأجل فتحة الحاء ، وأصله : الحشك ، لأنه الدرة. فافهم هذا ، فإنه قد أخفي عنك في قوله تعالى : (أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ)(٣) واحدة قربات ، بضم الراء ، إتباعا لضم القاف.
باب إعراب الاسم المعتل
الاسم المعتل : ما كان آخره ياءا ، قبلها كسرة ، أو ألفا. إنما قال : ياءا قبلها كسرة ، لأن الياء إذا سكن ما قبلها ، كان الاسم الذي فيه ، في حكم الصحيح ، نحو : ظبي ، ونحي. هذا في حكم : زيد ، وعمرو. فأما ما كان آخره ياءا قبلها كسرة ، فإنه يسمى : منقوصا ، وإنما سمي منقوصا ، لأن الرفع ، والجر قد نقصا منه ، ودخله النصب في موضع النصب. وهذا المنقوص على ضربين : منون ، وغير منون. فالمنون على ضربين : موصول ، وموقوف عليه. فإذا كان موصولا ، وكان منونا ، فنحو قولك : هذا قاض ، في موضع الرفع. ومررت بقاض في موضع الجر. وأصله : هذا قاضي ، ومررت بقاضي ، استثقلت الضمة ، والكسرة ، في الياء ، فحذفتا منها ، فسكنت الياء. والتنوين بعدها ساكنة ، فحذفت الياء ، لالتقاء الساكنين. وكان حذف الياء أولى من حذف التنوين ، لأن التنوين للفرق بين المنصرف ، وغير المنصرف. والياء لا يفرق بين الشيئين ، فكان التنوين بالإبقاء أولى من الياء ، لهذا المعنى. فأما في موضع النصب ، فإنك تنصبه فتقول : رأيت قاضيا يا فتى. واحتمل النصب ، في الياء ، لخفته. [١٣ / ب] فأما في حالة الوقف ، فإنك تقول في موضع الرفع ، والجر : هذا قاض ، ومررت بقاض ، فتحذف التنوين ، كما حذفت في : زيد ، وعمرو. وتقف على الضاد ، ساكنة. قال الله تعالى : (وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ)(٤) وفيه لغة أخرى (٥) ، وهي أن تقول : هذا قاضي ، ومررت
__________________
البصريون إلى عدم جواز ذلك ، وقول الباقولي ترديد لمذهبهم. ينظر : الإنصاف (مسألة ٦) ٢ : ٧٣١.
(١) البيت من البسيط ، لزهير بن أبي سلمى ، في : ديوانه ٧٦ ، والمقتضب ١ : ٢٠٠ ، والعقد ٥ : ٣٥٥ ، واللسان (ركك) ١ : ٤٣٤.
سلمى : أحد جبلي طيء ، وثانيهما : أجا. فيد : نجد قريب منهما. قال الأصمعي : سألت بجنبات فيد عن ركك ، فقيل : ماء هاهنا ، يسمى : ركا.
(٢) البيت من البسيط ، في : ديوانه ٨٢ ، واللسان (سوء) ١ : ٩٩ ، و (فزز) ٥ : ٣٩١ ، و (حشك) ١٠ : ٤١٢ ، و (غطل) ١١ : ٤٩٧.
السيء : اللبن قبل نزول الدرة. الفز : ولد البقرة. الغيطلة : الشجر الملتف. الحشك : شدة الدرة في الضرع.
(٣) ٩ : سورة التوبة ٩٩.
(٤) ١٣ : سورة الرعد ١١.
(٥) الكتاب ٤ : ١٨٣ ، وفيه ، قال سيبويه : (حدثنا أبو الخطاب ، أن بعض من يوثق بعربيته من العرب ، يقول : هذا رامي ، وغازي ، وعمي). وينظر : الأصول ٢ : ٣٩٦.