وهو له فى غالب الظن والله أعلم ، وذكر النووى حجة الشافعى على أن مكة فتحت صلحا ، فقال : واحتج الشافعى بالأحاديث المشهورة أنه صلىاللهعليهوسلم صالحهم بمر الظهران قبل دخوله مكة ، وفى هذا الاستدلال نظر ؛ لأن الصلح المشار إليه كان المراد به تأمين النبى صلىاللهعليهوسلم لأهل مكة على الصفة السابق ذكرها بإطلاق الصلاح عليه إنما يتم إذا التزموا ترك قتال المسلمين يوم الفتح ، وقد وقع منهم بمكة ما يقتضى أنهم لم يلتزموا ذلك كما فى حديث أبى هريرة السابق ، وإن كان المراد بالصلح المشار إليه عقد هدنة كما وقع عام الحديبية فهذا لا يعرف فيه حديث فضلا عن أن يكون فيه أحاديث مشهورة ، والاحتمال الأول أقرب لمراد النووى رحمهالله ، وفيه من النظر ما ذكرناه والله أعلم بالصواب ، وذكر النووى حجة الشافعى على أن دور مكة مملوكة فقال : قوله صلىاللهعليهوسلم : «من دخل دار أبى سفيان فهو آمن» استدل به الشافعى وموافقوه على أن دور مكة مملوكة يصح بيعها وإجارتها ؛ لأن أصل الإضافة إلى الآدميين يقتضى الملك وما سوى ذلك مجاز انتهى. وفى هذا الاستدلال نظر ؛ لأن الحديث المشار إليه غير مشعر بإضافة شىء من دور مكة لأربابها من مسلمة الفتح إلا دار أبى سفيان وإذا كان كذلك فالدلالة منه على أن دور مكة أجمع مملوكة لأهلها غير ناهضة من الحديث المذكور ؛ ولأن الحديث غير دال على ذلك ، وفى قياس دور مسلمة الفتح بمكة على أن دار أبى سفيان نظر لعدم مساواتهم لأبى سفيان فى الحكم فإنه أسلم بمر الظهران قبل أن يدخل النبى صلىاللهعليهوسلم مكة وبإسلامه أحرز نفسه وماله ، ومثله فى ذلك حكيم بن حزام الأسدى وبديل بن ورقاء الخزاعى فإنهما أسلما معه على خلاف فى بديل فى الفتح هل أسلم بمر الظهران أو قبل ذلك؟ والله أعلم. وفى أصل هذا الكتاب فيما يتعلق بهذا المعنى فوائد كثيرة لا يوجد مثلها مجتمعا فى كتاب والله تعالى أعلم ، وحيث انتهى بنا الكلام إلى إتمام المبحث الأول.
فلنشرع فى تحقيق أجوبة المبحث الثاني
فنقول : أما الجواب عن قوله : هل الكعبة أفضل من المؤمن إلى آخره؟ فقد قال ابن حجر فى شرح العباب : قال الزركشى : ويسن تطييب المصحف وجعله على كرسى وتقبيله ، وسئل السبكى عن الدليل على تقبيله القياسى على الحجر